تنادت الشعوب العربية دفاعا عن أولى القبلتين، وثالث الحرمين القدس الشريف عندما دنسته يد المحتل الإسرائيلي في أيام رمضان المباركة، وهبت الإنسانية بمختلف مشاربها نحو حي الشيخ جراح في القدس الشرقية، ترفض العجرفة في أوقح صورها، والهمجية في أوج غلوها، والغطرسة البغيضة، وهي تعتدي على حي سكني تاريخي بغية إخراج أهله منه عنوة، بمسوغات صنعتها سلطات الاحتلال، وجندت لها مشردي العالم من المستوطنين، ليكونوا رأس الرمح الطاعن غدرا وظلما وعدوانا لتهجير أصحاب الحي من سكناهم، وجارهم الأبدي القدس الشريف، وقوبلت تلك الممارسات الرعناء، المحصنة ببنادق جنود الاحتلال بردود فعل غاضبة ومستنكرة عربية وعالمية، شعبية ورسمية، وانتفاضة رمضانية مباركة عمت ديار فلسطين العامرة بالمخلصين، أصابت معها أصحاب القرار لسلطات الاحتلال بالصدمة.
تحرك المقدسيون أهل الأرض، شيبا وشبانا، نساء ورجالا، فما كان من المحتل إلا التمادي عربدة، واتباع القسوة نهجا لإيقاف تحركهم المبارك.
لم يتراجع أصدقاء الأقصى، ومضوا برسالتهم دفاعا عن بيتهم وحيهم البهي، فهيأ جيشه وأزلام الأمن وعاث في الأرض إفسادا وقمعا، اعتقالا وقتلا، تمترس المحتل خلف البندقية، وتقدم ابن الأرض واثقا أعزل، والقلوب لدى الحناجر تردد بلهفة المشتاق: «سنصلى الجمعة في الأقصى».. سلاحكم البندقية، وابتسامتنا رصاصة قاتلة.. وسجدة 70 ألف جبهة طاهرة.
المتغطرس لا يرضى بالحلول الوسط، ولا يتخذ من العقل حكما والمنطق طريقا، زاد البغاة في غيهم وغلوائهم، فلم تستطع الجبهة العصية «غزة» صبرا على الانتظار، أسرعت بخطى شبابها، لتلقي التحية على القدس، وتقذف بالحجارة والصواريخ المحلية رأس محتل أهوج.. وإن عدتم عدنا.
تحية إجلال وإكبار للمرابطين على أبواب الأقصى، القابضين على جمر الاحتلال، الرافضين لأوجه التعنت بكل أنواعه البشعة، المتشبثين بأرضهم وطهارتها من دنس وغد مختل، والعزة قيمة إنسانية، ودرس تشرحون أبجدياته يوما بعد آخر دون كلل لشعوب العالم، وقبلة على جبين كل معتقل سدد طعنة نافذة إلى قلب كل جندي مستأجر، ليضرب معتقده، وهيبته، وطغيانه في مقتل.. بابتسامة مشرقة بالأمل.
[email protected]