منذ انطلاق المحادثات لإعادة احياء الاتفاق النووي الايراني، في ڤيينا بين طهران والقوى العالمية، لم تلتزم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الشفافية بشأن سير المفاوضات، وما هو المعروض بالضبط على النظام الإيراني، الذي وصفته وزارة الخارجية الأميركية بأنه «أسوأ دولة راعية للإرهاب في العالم».
وتضم مجموعة 1+5 الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمني الدولي (الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين)، بالإضافة إلى ألمانيا.
ويقول العالم السياسي الأميركي، والباحث في جامعة هارفارد، مجيد رفيع زاده في تقرير نشره معهد «جيتستون» إن من المفارقات الساخرة، أنه من السهل الحصول على معلومات عن المحادثات من المسؤولين في روسيا وإيران عنه من إدارة بايدن.، فعلى سبيل المثال، يقول الروس والإيرانيون منذ أسابيع إنهم يحرزون تقدما صوب التوصل لاتفاق، ولكن إدارة بايدن واصلت التهوين من إمكانية التوصل لاتفاق مع إيران، داخل الولايات المتحدة وأمام الحلفاء، مثل إسرائيل.
وآثار رفيع زاده، رئيس المجلس الأميركي الدولي في الشرق الأوسط، مجموعة من التساؤلات بشأن الموقف الأميركي: هل يهدف التعتيم الإخباري من قبل الولايات المتحدة بشأن المفاوضات مع إيران إلى إبقاء حلفاء واشنطن والأميركيين دون علم للحيلولة دون إثارة غضب من شأنه تعطيل جهود الإدارة لإحياء الاتفاق الذي يعود إلى عام 2015؟ أم هل المقصود هو الحفاظ على الجمهور الأميركي والحرس في الكونغرس تحت السيطرة ثم مفاجأتهما بصفقة في وقت لاحق؟.
وإذا ما فاجأت إدارة بايدن، كما فعلت إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، الجميع بالتوصل إلى اتفاق، هل سيكون الوقت قد فات على الجمهور الأميركي للتحرك؟ وهل العودة إلى الاتفاق النووي هي المقابل الذي وافق بايدن أن يدفعه لما لقيه من تأييد أوباما قبل الانتخابات الأميركية الأخيرة في 3 نوفمبر 2020؟ وبعدما أقر الأوروبيون مطلع مايو الجاري بقرب التوصل لاتفاق، لم يكن أمام إدارة بايدن خيار آخر سوى كشف النقاب عن الحقيقة في الثامن من نفس الشهر، وأن تعترف بأن هناك بالفعل اتفاقا في الطريق.
كما رفضت إدارة بايدن أيضا الإفصاح عن أي عقوبات بالضبط تعتزم رفعها عن النظام في طهران. وهل ربما يستطيع المسؤولون الإيرانيون أن يخطرونا؟ ومن قبيل الدهشة، أن الرئيس الإيراني حسن روحاني قال: «وصلنا إلى مرحلة يقول الأميركيون والأوروبيون عندها، بصراحة، إنه ليس أمامهم خيار إلا رفع العقوبات والعودة إلى الاتفاق النووي، وإنه سجري رفع جميع العقوبات تقريبا، وتتواصل المحادثات بشأن بعض التفاصيل.» وعندما يقول الرئيس الإيراني إن إدارة بايدن سوف ترفع «العقوبات الرئيسية»، من المرجح بقوة أن يشمل ذلك، العقوبات على النظام المصرفي والمالي الإيراني، وتلك التي استهدفت منظمات ومسؤولين جرى ضمهم إلى القائمة السوداء خلال ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب، وأيضا العقوبات على صادرات النفط والمعادن وقطاع الشحن البحري والتجارة وإجراء معاملات مع النظام الإيراني، بالإضافة إلى العقوبات على الخطوط الجوية التجارية في إيران التي تورطت في عمليات تهريب أسلحة، وكذلك تلك المرتبطة بأنشطة إيران الإرهابية، والانتهاكات الحقوقية.
وكان الرئيس بايدن قال في وقت سابق إنه سوف يرفع العقوبات على إيران بهدف التوصل إلى اتفاق نووي جديد، وإنه سوف يعمل مع حلفاء أميركا من أجل تحقيق هذا الهدف. ولكن يبدو أنه يعتزم رفع العقوبات من أجل إحياء اتفاق 2015.
وعلاوة على ذلك، يبدو أنه لم يتم إطلاع حلفاء واشنطن، مثل إسرائيل أو القوى الإقليمية الأخرى، على سير المفاوضات.
ورغم أن بايدن أشار في وقت سابق إلى أنه يريد اتفاقا أكثر قوة وأطول أمدا، من اتفاق 2015، والمعروف بشكل رسمي باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة»، قد يكون الاتفاق الجديد هو نفسه القديم.
ويرى رفيع زاده، أن التوصل لاتفاق في مثل هذا الإطار الزمني القصير، يكشف عن عدم إدخال قضايا جديدة إلى المفاوضات. وبالإضافة إلى ذلك، كانت السلطات الإيرانية واضحة بشأن عدم قبولها اتفاقا مختلفا، والذي قد يتضمن قيودا على برنامج الصواريخ الباليستية، أو ربما يتطرق إلى سياسة إيران الخارجية المتشددة في الشرق الأوسط.
ومن المرجح بقوة أن يتضمن الاتفاق الجديد بين إيران والقوى العالمية، «شروط الانقضاء»، التي تحدد موعدا لإنهاء تقييد البرنامج النووي الإيراني، والذي يصبح لقادة إيران بعده حرية تشغيل أجهزة الطرد المركزي وتخصيب اليورانيوم بأي مستوى يرغبون فيه. كما أن هذا الاتفاق المحتمل قد يعفي المواقع العسكرية الإيرانية من عمليات التفتيش من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
كما أن إحياء اتفاق 2015، سوف يساعد النظام الإيراني على العودة إلى النظام المالي العالمي وتحقيق مزيد من الشرعية، بالإضافة إلى تدفق مليارات الدولارات على خزائن النظام والمليشيات التابعة له.
ويؤكد رفيع زاده أن الجمهور الأميركي له الحق في أن يعرف ما هي العقوبات التي تعتزم إدارة بايدن رفعها عن طهران، لإن النظام الإيراني يقوم منذ أربعة عقود تقريبا بقتل أميركيين واحتجاز بعضهم رهائن. فهذا النظام بث مؤخرا مقطع ڤيديو دعائيا يصور تفجيرا وهميا لمبنى الكابيتول (الكونغرس) على يد الحرس الثوري الإيراني، في الوقت الذي تسعى فيه إدارة بايدن إلى رفع العقوبات عنه.