قبل 26 عاما، مضت وتحديدا في يونيو عام 1995 كانت تلك آخر مهمة تربوية لي رئيسا في لجنة اختبارات الشهادة الثانوية العامة، حيث كانت آخر المطاف لجنة ثانوية يوسف بن عيسى بمنطقة الضاحية والتي مصادفة ترأستها لثلاث سنوات متتالية! فكانت تلك السنوات عالقة في الذاكرة وستبقى لأن الفريق العامل معي كان نخبة من الرواد التربويين وعلى رأسهم الزميل العزيز أسامة السلطان الوكيل المساعد للتعليم العام اليوم، أعانه الله على حمل هذه الأمانة، كما كانت المجموعة وبحمد الله تشكيلة متجانسة من خيرة الزملاء والعديد منهم ترك المهنة ولم يتبق منهم إلا الخبرة النادرة المتمكنة بالإدارة التربوية!
ذكريات تلك الحقبة والأيام الجميلة نتذكرها اليوم لأننا كنا نتحمل الأمانة الأهم وهي سرية التعامل مع صناديق الاختبارات بداية من تسلمها من إدارة الامتحانات بالوزارة حتى تخزينها في «الغرفة السرية» باللجنة والتي تكون محكمة ومقفلة لا فتحات ولا شبابيك فيها بالعادة!
ولقد كانت بعض اللجان تخرج لها سيارات «صناديق» الأسئلة بحراسة سيارات الشرطة لأهميتها حتى تؤمن تلك الصناديق الهامة! بالأمس ومصادفة بعد 26 عاما اجتمع الوكيل المساعد للتعليم العام مع نخبة من المسؤولين بالوزارة المعنيين بالاختبارات ومع قيادة عسكرية من «الجيش الكويتي» مناط بها مهام نقل صناديق الأسئلة أيام الامتحانات يوميا وبقيادة آمر هيئة الخدمة الوطنية العسكرية اللواء ركن عماد سلطان أمان، ضمن إطار التعاون والمسؤولية المجتمعية بين المؤسسات العسكرية والمدنية، وبالتأكيد تعتبر هذه هي المهمة الأولى التي تناط لقوة عسكرية بنقل الاختبارات في تاريخ وزارة التربية نظرا لأهمية هذا الحدث، وربما تكون هي بداية تعاون سنوي بين كلا الجانبين لمثل هذه المهمة الوطنية!
لقد حققت فكرة هذا التعاون الكثير من المزايا والتي يمكن أن تتطور مستقبلا لتأمين الجانب التربوي والأمني من أهمية الامتحانات التي فيها مصير مستقبل الأبناء الطلبة، خاصة أن عملية إعلان نتائج الثانوية العامة تطورت عن ذي قبل، وأصبحت اليوم تصل إلى المتلقي بمجرد لمسة دون الحاجة للذهاب إلى المدرسة لتعليق النتائج كالسابق على «شباك» غرف الحراس!
وبفضل تكنولوجيا المعلومات التي بالتأكيد ستكون مستقبلا وسيلة تتمكن بها وزارة التربية من تطبيق الاختبارات بطريقة آمنة وسلسة دون الحاجة لهذا الدعم «اللوجستي» من القطاعات العسكرية، ولعل تجربة اليوم هي مدخل لتوارد الأفكار من أجل تطوير هذا التعاون الوطني بين مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية! تحية تقدير لوزارة الدفاع ممثلة بقوة الخدمة المدنية التي جندت إمكانياتها للمهمة!