يحظى حزب الخضر الألماني بشعبية في المدن الغربية لكنه لايزال يواجه جدارا انتخابيا في شرق البلاد، وهو عائق يهدد فرص مرشحته لخلافة المستشارة أنجيلا ميركل.
يعد مؤتمر الحزب الذي ينظم من اليوم إلى الأحد في برلين، بإضفاء جرعة حيوية بعد الانتكاسة التي سجلها قبل أيام في ولاية سكسونيا أنهالت، خلال الاختبار الانتخابي الأخير قبل الانتخابات العامة في 26 سبتمبر.
مع حصوله على 6% فقط من الأصوات، حل الحزب الذي كان يأمل في تجاوز عتبة 10%، في مرتبة متأخرة عن المحافظين (36%) واليمين المتطرف (21%). وبالتالي، حصل على نقطة مئوية إضافية فقط مقارنة بالانتخابات الأخيرة عام 2016 في المنطقة الواقعة في قلب ألمانيا.
هذا الفشل علامة أخرى مقلقة بالنسبة لـ «تحالف 90/ الخضر» المتراجع في استطلاعات الرأي قبل الاقتراع الوطني الذي سيكون علامة النهاية لعهد ميركل الذي امتد 16 عاما.
وكان ترشيح الخضر لأنالينا بربوك قبل شهر للمستشارية، أعطاهم دفعة لفترة وجيزة قادتهم إلى تصدر نوايا التصويت.
اقتراح منفر
تقع ساكسونيا أنهالت في أراضي جمهورية ألمانيا الديموقراطية السابقة، وهي من بين أفقر ولايات ألمانيا ولم تكن قط «مكانا سهلا» لدعاة حماية البيئة الألمان، وفق ما قالت الرئيسة المشاركة للتحالف البيئي في «البوندستاغ» كاترين غورنغ إيكاردت غداة الهزيمة.
لا يجد البرنامج الذي يدافع عنه دعاة حماية البيئة صدى يذكر في ولاية تعتمد منذ فترة طويلة على استغلال مناجم الفحم والتي لاتزال تحمل ندوب السجل البيئي الكارثي لجمهورية ألمانيا الديموقراطية السابقة.
البطالة والهجرة والأمن مصادر قلق أكبر لسكان المنطقة التي تشهد هجرة جماعية لشبابها.
ثلاثة أرباع الناخبين (75%) يعتقدون أن هناك قضايا «أكثر أهمية» من الاحتباس الحراري في منطقتهم، بحسب استطلاع أجرته قناة «زي دي اف» العامة. واعتبرت صحيفة «دير شبيغل» أن تلك مفارقة في ولاية «تعاني أكثر من أغلب الولايات الأخرى من الجفاف في السنوات الأخيرة».
أدى اقتراح أنالينا بربوك زيادة سعر الوقود بمقدار 16 سنتا إلى تنفير كثير من الناخبين في الولاية التي لا تخدمها وسائل النقل العام بشكل جيد. وكانت صياغة هذا المقترح قد جرت قبل أيام قليلة من الاقتراع ووصفته صحيفة «تاغس شبيغل» البرلينية بأنه «أخرق».
سيرة ذاتية مصححة
اعترفت بربوك بـ«كنا نأمل في المزيد من هذه الانتخابات الإقليمية»، معتبرة أنها دفعت مع حزبها ثمن الاستقطاب بين المحافظين واليمين المتطرف.
وأقرت المرشحة البيئية البالغة 40 عاما والرئيسة المشاركة لحزب الخضر بصعوبة تأسيس موطئ قدم في ألمانيا الشرقية السابقة، حيث يقيم حوالي واحد من كل ستة ناخبين، على الرغم من أن الحزب عضو في عدة تحالفات إقليمية، لاسيما في ساكسونيا أنهالت.
بالنسبة إلى الرئيس المشارك لـ «تحالف 90/ الخضر» روبرت هابيك، يجب أن تقود هذه النتيجة إلى النظر «أبعد من حماية المناخ» لمراعاة القضايا الاجتماعية وملف التوظيف بشكل أفضل.
يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة برلين الحرة هاجو فونك لوكالة «فرانس برس» إن «في الشرق الذي يشهد قيودا وعانى من صدمة إعادة التوحيد، فإن الطرح البيئي الذي يمكن أن يكون مكلفا ليس له تأثير كبير على الناخبين».
علاوة على ذلك، فإن الأخطاء العديدة التي ارتكبتها القيادة لم تساعد الحزب.
بعد المكافآت المعفاة من الضرائب التي تلقتها بربوك من الحزب وأخفتها عن البرلمان، ومناصرة روبرت هابيك تسليم أسلحة إلى أوكرانيا، ارتكب المعسكر البيئي أخطاء فادحة جديدة في الأيام الأخيرة.
بربوك التي استهدفتها حملة «أخبار كاذبة» لعدة أسابيع، اضطرت مؤخرا إلى إجراء تصحيحات على سيرتها الذاتية وتحديد على سبيل المثال أنها كانت عضوا في فريق أحد أعضاء البرلمان الأوروبي في برلين وليس في بروكسل كما كتبت سابقا.
اعتبر القيادي المحافظ فريدريك ميرز أن «قطار بربوك خرج عن مساره»، في تشبيه بالمرشح الديموقراطي الاجتماعي مارتن شولتز الذي شهد عام 2017 طفرة قصيرة في استطلاعات الرأي وصف اثرها بأنه «قطار» لم يستطع خصومه مسايرته، قبل أن يتعرض إلى هزيمة قاسية من ميركل.