قبل عدة أسابيع في قمة انتشار المتحور الهندي (دلتا) في بريطانيا حتى أنه وصل إلى 90% من الحالات التي تم اكتشافها، صرح وزير الصحة البريطاني مات هانكوك عن سبب اكتساح هذا النوع من التحور الجديد للفيروس في بريطانيا دون باقي دول العالم حيث قال: نحن اكتشفنا الفيروس الهندي المتحور (دلتا) لأننا بحثنا عنه بينما غيره لم يجده لأنه لم يبذل جهدا في اكتشافه.
ماذا يقصد وزير الصحة البريطاني؟ كيف لا يحاول العالم اكتشاف الفيروس وعدد فحوص الـ PCR في العالم تجاوزت عدد سكان العالم بعدد قارب المليارات، حيث تجري دول العالم يوميا مئات الملايين من هذا الفحص المصمم لكشف المصابين بمرض الكوفيد 19؟ الإجابة عن هذا السؤال فيها المفتاح لتفسير ما سيحدث في الكويت في الأيام والأسابيع القادمة من انتشار سريع وكاسح لـ «دلتا» مع تداعيات سيئة ومؤسفة ستأتي مع هذا الانتشار والاكتساح.
تفسير كلام وزير الصحة البريطاني هو أن الكشف عن الفيروس الهندي المتحور يحتاج لأكثر من فحص الـ PCR الذي مع الأسف لا يكشفه، بل لتحديد الإصابة بهذا النوع تحتاج لتحليلات جينية دقيقة للفيروسات الموجودة في المصابين.
طيب، سؤال المليون دينار هو: كيف كانت وزارة الصحة طوال الأسابيع الماضية تنفي دخول المتحور الهندي للكويت وهي لم تقم بتلك التحليلات الجينية الدقيقة المطلوبة لكشفه؟
الجهل بموضوع نوعية الفحص ليس مقبولا، ولا هو خيار منطقي، فالكرة الأرضية أصبحت كرة أطفال صغيرة تستطيع اكتشاف أي حدث فيها بضغطة زر على السيد «جوجل»، كما أن وزارة الصحة من أكبر المساهمين الدوليين في منظمة الصحة حتى أنه وعلى لسان مدير المنظمة بلغت تبرعات الكويت لمنظمة الصحة العالمية أكثر من 200 مليون دولار، فبالتأكيد هي أوصلت هذه المعلومة للكويت وهي أنك لا تستطيع التصريح بعدم وجود المتحور الهندي (دلتا) في بلدك ما لم تقم بتحاليل جينية دقيقة للفيروس المكتشف في المصابين.
هذا الأمر يعني ضياع وقت ثمين كنا نحتاج اليه لمسابقة هذا التحور الجديد لو أننا بذلنا الجهد لكشفه مبكرا وعدم الاكتفاء بنفي وجوده.
الآن وقع الفأس بالرأس ومن متابعة سلوك هذا المتحور الجديد في بريطانيا تصل الى قناعة تامة أن محاولة مكافحته ووقف انتشاره خاصة في هذه المرحلة المتأخرة هي معركة خاسرة لم تكسبها بريطانيا التي هي متقدمة صحيا عنا بسنوات ضوئية، فهو سينتشر ويصبح المتحور الأول، لذلك من الأفضل الانتقال للخطوة الثانية وهي التقليل من أضراره ولنقتدي ببريطانيا التي فعلت التالي:
1- زيادة وتيرة التطعيم والتركيز على لقاح فايزر فهو الأكثر مكافحة والتصدي لهذا التحور (دلتا).
2- زيادة نوعية الفحوصات لكشف البؤر المصابة بهذا النوع الجديد مبكرا لمحاولة التعامل معها بسرعة.
3- تأجيل رفع القيود لبضعة أسابيع.
نقطة أخيرة: أعزائي وزارة الصحة، نحن في عالم صغير وصغير جدا لا شيء يختفي فيه.. وفي الكثير من الأحيان نفي أو تجاهل وجود مشكلة قد يجعلك تدفع أثمانا مضاعفة في مرحلة لاحقة.
وكما يقول الأميركان «الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة»..
The Truth، the Whole Truth And Nothing But the Truth.
ghunaimalzuby@