محمود عيسى
استعرضت وكالة بلومبيرغ الاخبارية الاوضاع المالية في مملكة البحرين وسلطنة عمان، حيث قالت انه في حين تعكف معظم دول مجلس التعاون الخليجي على اعادة ضخ دماء الحياة في خزائنها بفضل المكاسب التي سجلتها ارتفاعات أسعار النفط المتتالية، فإن أصغر اقتصاد في المنطقة، وهو الاقتصاد البحريني، لايزال بحاجة لمن يمد له يد العون والإنقاذ، حيث ان سعر التعادل المالي للنفط بالنسبة للبحرين يجب ان يتجاوز 88 دولارا للبرميل لموازنة ميزانيتها هذا العام، حسب رؤية صندوق النقد الدولي.
ويعد ذلك أعلى سعر للتعادل في دول مجلس التعاون الخليجي الست وأعلى بكثير من المستويات الحالية البالغة 75 دولارا، وتستعد البحرين في الوقت الحاضر لدخول أسواق الديون الدولية في الأشهر المقبلة لتمويل عجز مازال يتصاعد في أعقاب جائحة كورونا وجعلها تتخلف عن ركب جيرانها في المنطقة التي تعتبر الاكبر من حيث تصدير الطاقة الى العالم.
ونقلت بلومبيرغ عن كبير اقتصاديي الشرق الأوسط لدى أكسفورد إيكونوميكس في دبي سكوت ليفرمور قوله «ان البحرين بحاجة لإصلاح طموح يستهدف معالجة الاختلالات المالية الكبيرة في ميزانيتها، ولكن يبدو ان ثمة غيابا للإرادة السياسية بهذا الشأن في الوقت الحالي». وثمة إجماع العام على أن البحرين ستحتاج إلى مزيد من الدعم الخليجي على المدى المتوسط لان لديها أعلى نسبة دين إلى الناتج المحلي الاجمالي في منطقة الخليج.
وزادت الوكالة ان البحرين ترتبط بجسر مع المملكة العربية السعودية ذات الوزن الثقيل في المنطقة، وتم إنقاذ المملكة الصغيرة بما يصل إلى 10 مليارات دولار من قبل الدول الخليجية المجاورة الأكثر ثراء في عام 2018، لكنها وجدت نفسها مرة أخرى في مشكلة عندما تعثر تنفيذ برنامج لإعادة تعديل توازنها المالي بإجراءات مثل تخفيض الدعم، وصاحب ذلك تعثر مشروع ضريبة القيمة المضافة الجديدة عندما حل وباء كورونا في المنطقة.
يبدو وضع البحرين في غاية الصعوبة بشكل خاص عند مقارنته بعمان، الحلقة الخليجية الضعيفة الأخرى. فقد اعتاد المستثمرون على المطالبة بعلاوة لحيازة السندات العمانية زيادة على السندات البحرينية. وانعكس ذلك عندما قطفت عمان ثمار الإصلاح الاقتصادي الذي أطلقه السلطان الجديد العام الماضي. كما طلبت مساعدة صندوق النقد الدولي في وضع خطة متوسطة الأجل لتوجيه الاقتراض.
ولم ترد وزارة المالية البحرينية على طلب الوكالة للتعليق على الموضوع، لكن الوزير الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة أخبر بلومبيرغ العام الماضي أن أولوياته تتمثل حاليا في استعادة النمو الاقتصادي بدلا من زيادة الإيرادات، قائلا انه يريد أن يرى التعافي الاقتصادي يترسخ قبل اتخاذ أي خطوات إضافية في هذا المضمار.
يتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ متوسط احتياطيات البحرين 2.5 مليار دولار في عام 2022، وهو مبلغ ضئيل يغطي الواردات لفترة قصيرة لا تتجاوز 1.2 شهر فقط، وبات متوقعا ارتفاع عجز ميزانيتها الى حوالي 9% من الناتج المحلي الاجمالي هذا العام، أي أكثر من ضعف عجز عمان البالغ 2.4%، وفقا لصندوق النقد الدولي.
ويذكر ان البحرين تعاني من أسوأ المقومات الاقتصادية بين دول الخليج الاخرى لأنها الدولة الوحيدة التي تحتاج الى اكثر من 75 دولارا سعرا لبرميل النفط لتغطية احتياجات حسابها الجاري. كما أن كلا من الدين الخارجي والدين العام هما الأكبر، مقابل احتياطيات اقل، ناهيك عن واحد من أكبر عجوزات الموازنة حسب ما يقوله الاقتصادي في الأسواق الناشئة زياد داوود.
ورغم ذلك قالت الوكالة ان تكلفة التأمين على ديون البحرين في حالة التخلف عن السداد مازالت منخفضة.
وختمت بلومبيرغ بما نسبته الى مدير الأموال في GAM Holdings في لندن ريتشارد بريجز الذي لخص الوضع الرئيسي في البحرين بقوله «أنه في غياب الدعم الخليجي، فان أحدا لن يستثمر في الدين السيادي البحريني بالدولار بالمستويات التي وفرها الدعم الخليجي، قائلا ان كل هذا يعتمد على الدعم».