- السباق على «المشروع المشترك للبنية التحتية الدفاعية».. الهادف لتخزين ومعالجة كميات هائلة من البيانات السرية
في شهر يوليو من العام 2018 أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (الپنتاغون) عن فتح الباب رسميا أمام تلقي عطاءات بخصوص عقد لمشروع «جيه إي دي آي -JEDI» أو ما يسمى بـ «المشروع المشترك للبنية التحتية الدفاعية».
الهدف من المشروع هو تخزين ومعالجة كميات هائلة من البيانات السرية، ما يسمح للجيش الأميركي بتحسين الاتصالات مع الجنود في ساحة المعارك لتسريع التخطيط للحرب ورفع قدراته القتالية عبر استخدام الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي
أعلنت 5 شركات رغبتها في المضي قدما بالعطاءات والمنافسة هي: مايكروسوفت، أمازون، أوراكل، آي بي إم وغوغل، ولاحقا انسحبت غوغل واستأنفت السباق الشركات الـ 4 المتبقية، ثم بعدها بشهور قليلة تم استبعاد أوراكل وآي بي إم لعدم وفائهما بمتطلبات الپنتاغون واشتراطاته.
انحصرت المنافسة بين أمازون ومايكروسوفت قبل أن يعلن الپنتاغون في أكتوبر 2019 - بعد أكثر من عام على العطاءات - أن اختياره قد وقع على شركة «مايكروسوفت»، وجراء ذلك الإعلان - الذي جاء وقتها في عطلة نهاية الأسبوع - ارتفع سهم مايكروسوفت مع بداية الأسبوع التالي وفي تعاملات ما قبل الافتتاح بنسبة 4.1% إلى 140.73 دولارا للسهم.
طريق المحاكم
أمازون لم تيأس بعد هذه الخسارة فالعقد قيمته 10 مليارات دولار ويستحق المشقة، لذا توجهت مباشرة إلى القضاء، حيث رفعت دعوى أمام محكمة المطالبات الفيدرالية الأميركية تطعن على القرار بحجة أنه اتخذ بناء على دافع سياسي وتمييز سلبي بحق الشركة.
الدافع هو الضغينة بين الرئيس الأميركي في ذلك الوقت «دونالد ترامب» تجاه الرئيس التنفيذي لشركة «أمازون» المستقيل مؤخرا «جيف بيزوس»، وكذلك صحيفة «واشنطن بوست» أيضا.
يقول «جيمس كلايتون» مراسل التكنولوجيا لـ «بي بي سي» في أميركا الشمالية «إنه نظرا لإثارة الجدل واللغط بخصوص هذا العقد، وجد الپنتاغون نفسه أمام تحديات قانونية عدة بسبب أمازون، ويبدو أن هذا كان عاملا حاسما في قرار الإلغاء».
مايكروسوفت وأمازون وبعد قرار الإلغاء قامتا بإصدار بيانات صحفية كانت إلى حد كبير بيانات منضبطة ورصينة وهادئة، أعربتا فيها عن موافقتهما على قرار الپنتاغون، رغم أن أمازون أضافت بعض الكلمات التي قالتها في المحكمة منها مثلا أن هذا العقد كان يشوبه الكثير من الشكوك، وأن العطاء كان على أساس تمييزي ليس له علاقة بالعمل نفسه وإنما بالسياسة.
لكن كانت بيانات الشركتين سليمة إلى حد كبير، وتتطلع إلى العقد الجديد الذي أعلن الپنتاغون عن البدء في صياغة عقد آخر محدث يأخذ بعين الاعتبار القدرات المشتركة لأمازون ومايكروسوفت. ونتيجة لقرار إلغاء العقد انخفض بشكل طفيف سهم مايكروسوفت بـ 0.4% أما سهم أمازون فارتفع بأكثر من 5% ليعزز مكاسبه عند أفضل أداء من 52 أسبوعا.
لهذا السبب كان إلغاء العقد سببا في ارتفاع أسهم أمازون لأكثر من سبب، أولها أن العقد الجديد الذي تحدث عنه الپنتاغون ستكون أمازون ضامنة أن تكون شريكة به في حال قرر الپنتاغون أن يكون عقدا تشاركيا، وثانيها أنه لا توجد شركات مؤهلة قانونا للتقدم للعطاء مع مايكروسوفت سوى أمازون.
وبالتالي فإن تنظيم عطاء جديد للعقد حتى لو كان عقدا منفردا - أي أن الپنتاغون لن يطلب تحالفا مشتركا بين الشركتين - يعني فرصة جديدة لأمازون لإثبات قدراتها على اقتناص الفرصة خاصة أن حظوظها أفضل نظرا لسيطرتها على قطاع كبير من سوق الخدمات السحابية في الولايات المتحدة والعالم.
سوق الحوسبة
سوق الحوسبة السحابية تغير كثيرا في السنوات الأخيرة وأصبح تأثيره على حياتنا اليومية أكثر عمقا من ذي قبل، «السحابية أو Cloud» كانت في يوم من الأيام ضربا من الخيال العلمي، لكنها الآن أصبحت شيئا لا يمكن الاستغناء عنه في كثير من الخدمات والسلع والأسواق وخاصة بعد جائحة كوفيد-19.
بسبب الجائحة زادت الحاجة للخدمات السحابية مع توجهات العمل من المنزل والاجتماعات الافتراضية، كذلك ظهر دورها البارز في إدارة العمليات التشغيلية وحفظ وتأمين بيانات كثير من الصناعات والشركات، مما سمح للقطاع بتحقيق قفزات نمو كبيرة وتنفيذ توسعات أكبر لقدراتها ومن ثم دعم موارده.
ويعود لمؤسس أمازون «جيف بيزوس» فضل كبير في المكانة التي وصلت إليها ذراعها للخدمات السحابية «أمازون ويب سيرفيس - AWS»، فالنجاح الكبير الذي حققته الشركة سببه أنها بدأت دخول هذه السوق مبكرا بـ 7 سنوات عن أقرب منافس لها، مما سمح لها بتصدر السباق بفارق كبير عن منافسيها وهو ما يعزز فرصها في الفوز بعقد الپنتاغون الجديد بعد تحديثه وإعادة طرحه.