لا يمكن للشعوب أن تشارك مجتمعة في صنع القرار، فنحن لسنا في المدينة الفاضلة التي حلم بها الفيلسوف أفلاطون والتي تقدم أرقى الخدمات وتجمع النهوض الحضاري والعمراني المثالي.
أما في الواقع في نظامنا الديموقراطي، فالقيادة السياسية العليا تقوم «بتكليف» الحكومة بإدارة مصالح البلاد وتنظيم العمل في أذرعها من خلال الجهات الرسمية والمؤسسات والهيئات الخدمية وإدارة ثروات البلاد، ومن جهة أخرى تفعيل المحاسبة والرقابة على أي تجاوزات او إهدار للمال العام.
وأيضا من ناحية أخرى على مبدأ دستوري الذي يكرس أن الشعب مصدر السلطات، ومن الناحية العملية لا يؤخذ برأي الشعب «عدديا» لأن هذا الأمر غير عملي بل يختصره بمجلس الأمة الذي يمثله 50 نائبا حسب النظام الانتخابي الذي لم يكن ثابتا من بداية الحياة الديموقراطية الكويتية والآن استقر على نظام تقسيم الدوائر إلى 5 لكل منها 10 نواب ولكل مواطن مقيد بدائرته صوت واحد.
وما لا نستطيع استباقه هو الحكم بنجاح أو فشل الحكومة أو المجلس إذا لم تتم التجربة العملية، وبعد دور انعقاد كامل نستطيع أن نحكم فيه بتعطل مصالح الشعب بشكل عام وعدم تحقيق معظم المطالبات الشعبية، وتصاعد الخلافات السياسية بين رئيس الحكومة والوزراء من جهة وغالبية من الأعضاء الذين يشكلون جانب المعارضة من جهة أخرى، فقد استخدم كلا الطرفين جميع الوسائل و«التكتيكات» السياسية وبعضها كان سابقة في الحياة السياسية كاحتلال مقاعد الوزراء في الصف الأمامي كما هو متعارف عليه والإصرار على الاستجوابات دون تفاوض مع الحكومة والتي اضطرت لعدم حضور الجلسات كثيرا، إلا أنها قامت بحضور بعض الجلسات بالتصويت عند مدخل قاعة مجلس الأمة لتمرير الميزانية العامة للدولة وأيضا اتخذت منصة رئاسة المجلس مكانا لها في الجلسة الختامية لفض دور الانعقاد الأول.
وبما أن كل الاحتمالات والفرضيات متاحة، إلا أنه سيكون من الصعب الاستمرار بنظام البقاء لأطول فترة زمنية لعمر الحكومة والمجلس والمصالح العامة يتم وضعها في قالب ثلجي متجمد لن يذوب من دون تغيير في الجانبين، وذلك القرار بيد القيادة السياسية العليا بتكليف رئيس جديد للحكومة أو وزراء جدد والآخر بانتخابات برلمانية جديدة مبكرة بنظام انتخابي جديد.
٭ بالمختصر: المسؤولية السياسية وإعادة الثقة للمواطن هي مطلب إجباري فنحن مقبلون على تحديات نواجهها في تحقيق الوصول لكويت جديدة ازدادت صعوبة عن السابق لاعتبارات الأوضاع الصحية والتراجع الاقتصادي العالمي والبحث عن بدائل مالية لإيرادات الدولة غير النفطية.
٭ رسالة: المواطن يجد نفسه أحيانا مجبورا بالانتقاد المباح من باب حرية التعبير عن الرأي فيما يخص إيجاد حلول للمشاكل التي تمس حياته اليومية أو تنظيم وقفات احتجاجية في ساحة الإرادة ولكن بعضهم يتجاوز ذلك بحثا عن الظهور الإعلامي والشهرة، وهذا أمر سببه بعض كتلة المعارضة غير مكترثين بلغتهم وتصرفاتهم التي تنعكس على شحن الشارع بدلا من تحملهم المسؤولية في دورهم الرقابي والتشريعي. ودمتم بخير.