تقدمت التكنولوجيات الرقمية بسرعة تفوق أي ابتكار في التاريخ، حيث وصلت إلى نحو 50% من سكان العالم النامي فيما لا يتجاوز عقدين من الزمان وأحدثت تحولا في المجتمعات، ومن خلال تعزيز الاتصال الإلكتروني والشمول المالي وإمكانات الوصول إلى الخدمات التجارية والعامة، يمكن أن تمثل التكنولوجيا عاملا كبيرا في تحقيق المساواة.
ففي قطاع الصحة، على سبيل المثال، تساعد التكنولوجيات الرائدة التي يدعمها الذكاء الاصطناعي في إنقاذ الأرواح وتشخيص الأمراض وإطالة العمر المتوقع.
وفي مجال التعليم، يسرت بيئات التعلم الافتراضي والتعلم عن بعد إمكانية الالتحاق بالبرامج لطلاب كانوا سيتعرضون بدونها للاستبعاد.
وثمة اتفاق واسع على أن إدارة هذه الاتجاهات سوف تقتضي تغييرات في النهج الذي نتبعه إزاء التعليم، من خلال، مثلا، زيادة التركيز على العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وتعليم المهارات الشخصية والقدرة على التكيف.
كما تستخدم اليوم التكنولوجيات الرقمية، من قبيل تجميع البيانات والذكاء الاصطناعي، لتتبع المشكلات وتشخيصها في مجالات الزراعة والصحة والبيئة، أو لأداء مهام يومية مثل التعامل مع حركة المرور أو دفع الفواتير وغيرها.
إلى أن أدى وباء كورونا إلى تغيرات هائلة في جميع مناحي الحياة، وقاد إلى تحول رقمي متسارع ترك آثاره في مختلف القطاعات الاقتصادية، وأنشأت الجائحة عادات اجتماعية جديدة بسبب التحول الجذري في أساليب الحياة والعمل حتى لم يعد من الممكن العودة إلى نمط الحياة الذي كان سائدا قبل الجائحة، فقد أصبح مفهوم الحياة نفسه مختلفا، فهذه «الحياة الطبيعية» ما عادت كما كانت في السابق، فهي حياة طبيعية لكنها رقمية في كل شيء، لقد اعتاد العالم على استخدام التقنيات الحديثة في شتى المجالات، وغدا الإنترنت والتطبيقات الرقمية جزءا أساسيا من حياتنا اليومية، فنحن نشتري ونتسوق ونطلب الطعام ونعقد اجتماعات العمل عبر الإنترنت.
وفي الحقيقة، فقد أسهمت مجموعة من الشركات الناشئة التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة في عملها بدور أساسي في تغيير طريقة تسوق العملاء، سواء لشراء البقالة ومتطلبات الحياة اليومية أو طلب الوجبات الغذائية من المطاعم المختلفة، وستسهم التقنيات التي تقدمها هذه الشركات بدور حيوي في صناعة ما بعد الجائحة.
وليس هذا مقتصرا على القطاع الغذائي فقط، بل تعداه إلى القطاعات كافة حتى تلك التي يعتقد كثير من الناس أنها لا تحتاج إلى التقنيات الحديثة للعمل، ولنأخذ قطاعا بعيدا قليلا عن الحاجات اليومية للناس، وهو القطاع العقاري.
وقد استفادت العلامات التجارية من تقنيات مثل الواقع المعزز والواقع الافتراضي للتواصل مع المستهلكين وبيع منتجاتهم، إذ استخدمت فئة من المستهلكين هذه التقنيات لشراء الأدوات المنزلية وقطع الأثاث هذا العام.
والسؤال الذي يطرح نفسه عزيزي القارئ: نعم، لقد تغير شكل الحياة وطبيعة العمل وأساليبه، لكن هل ستعود عقارب الساعة إلى الوراء؟
[email protected]