دراسة القرارات قبل إصدارها أمر مهم يجنب الوزارات والجهات الصادرة عنها وحتى الدول الكثير المشاكل والأعباء الناجمة عن سوء تطبيقها، وهذا ما نلاحظه في الكثير من الأمور التي نعايشها في حياتنا اليومية والتي تنعكس سلبا على المواطنين، والسبب أن هذا القرار أو ذاك تم اتخاذها كردة فعل أو إرضاء للبعض وليتماشى في بعض الأحيان مع رغبات المغردين أو أصحاب التوجهات الشعبوية، والمواطن أول من يدفع الثمن.
ولو عدنا إلى قرار الهيئة العامة للقوى العاملة بعدم تجديد إقامة من بلغ الستين عاما ولا يحمل مؤهلا جامعيا لوجدنا أن فيه الكثير من الأخطاء، ولو سألنا متخذي هذا القرار عن السبب لكان جوابهم لإصلاح التركيبة السكانية في البلاد ولما لهذه الفئة العمرية من مشاكل وأعباء صحية، ولو فرضنا صحة ذلك فهل وجدتم البدائل لأصحاب الخبرات الكبيرة منهم وسنوات عمرهم التي أفنوها في الكويت بالعمل الجاد، وبملاحظة بسيطة ستجدون أن الكثيرين من الصيادين كبار في السن وكذلك عمال المقاولات وأصحاب الخبرة الزراعية، والخباز وعامل المصبغة والخياط وغيرهم في العديد من المهن التي لن تجد مواطنا يعمل بها، والوافد الشاب سيطلب أجورا مرتفعة مقابل خبرته البسيطة وكل ذلك من جيب المواطن وعلى حساب جودة العمل المنجز.
نحن مع تعديل التركيبة السكانية، ومع الحفاظ على المنظومة الصحية في البلاد حيث من الممكن فرض رسوم صحية وتأمين إضافي لكن أن يكون ضمن المعقول وبما لا يثقل كاهله لأنه سيعوضه من أجور الأعمال التي يقوم بها للمواطن، إذا فالمواطن هو المتضرر في النتيجة النهائية.
وبما أن الموضوع صار بين أيدي وزير التجارة والصناعة، وهو الأعرف بانعكاسات مثل هذا القرار على الاقتصاد العام وتأثيره السلبي على هذه الفئة من جهة وعلى المواطنين من جهة أخرى فكلنا أمل بأن يتم علاج هذا الموضوع بشكل عملي ومنطقي وبعيدا عن أي ضغوط شعبوية، فالكثيرون من الذين يشملهم القرار قدموا زهرة أعمارهم في العطاء ولم يرتكبوا أي جرائم وسجلهم الأمني نظيف ولهم أعمال ومصالح ويستحقون أن يعاملوا بأسلوب لائق في كويت الإنسانية التي احتضنتهم وعائلاتهم طوال سنوات فأحبوها واعتبروها بلدهم الثاني، وكل واحد منا يعرف أشخاصا منهم عملوا بأمانة وأخلصوا في عملهم.
هناك عدد من الذين يشملهم القرار بدأوا بالتفكير في تصفية أعمالهم وتحويل أموالهم التي يعملون بها إلى الخارج من تجار مجوهرات وملابس وأصحاب ورش وغيرهم، ومعظم الدول تبحث عن مستثمرين في العديد من المجالات، فلماذا تكون لدينا قوانين معرقلة لأصحاب الأعمال، وهل يجب أن يكون الخياط أو الحداد وعامل البناء جامعياً؟ وكم سندفع له يوميته مقابل شهادته الجامعي؟