هلَّ علينا شهر الخير، شهر ذي الحجة، نسأل الله أن يتقبل فيه أعمالنا ويتوب علينا ويرحم موتانا وموتى المسلمين ويشفي مرضانا ومرضى المسلمين ويديم علينا نعمه الكثيرة، وتكثر بهذا الشهر المبارك أعمال الخير والبر والتقوى والأعمال الخيرية ببلدنا الغالي الكويت منارة البر تقربا إلى المولى عز وجل، ولله الحمد والشكر، خيرات الكويت تصل إلى كل بقاع العالم ويعرفها القاصي والداني من آسيا إلى أعماق أفريقيا تجد بها دولة الكويت يدها الحانية تمسح على رأس طفل يتيم وتقدم الماء والطعام في زمن قل فيه الأوفياء وكثرت فيه البعثات التبشيرية التي تتاجر بآلام الناس رغبة منهم في نشر تعاليمهم وديانتهم.
وأصبح الآن جمع التبرعات الخيرية سبة وتهمة يحاكم بسببها من يقوم بأعمال الخير والإغاثة مما يشكل انتقاصا من قدرة أهل الخير على تضميد جراح المحتاجين، والخاسر هنا هو المحتاج والمتبرع، فليست كفالة اليتيم أو حفر بئر أو رعاية معوز أو محتاج إرهابا، فأطلقوا يد أهل الخير في طاعة الله وفي البر وأعماله ولا تخشوا في الحق لومة لائم، فالقيود المفروضة على بعض الجمعيات الخيرية تفتح الباب لتحجيم دور المسلمين في رعاية إخوانهم وتدفع بالمساكين والمحتاجين إلى الاتجاه نحو البعثات التبشيرية التي تملأ بقاع العالم وتتخفى وراء الماء والدواء والغذاء!
يقول رسولنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم «من كان معه فضل زاد فليعد به على من لا زاد له ومن كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له»، وهذه دعوة صريحة للعطاء والصدقات، فعطاء بلا حدود ولا قيود ولا روتين ولا منغصات سرعة في الإجابة وإجابة الملهوف والحرص على سد حاجة المسلم وتلبية هذه الحاجة دون مماحكة وتعطيل لأن الفقير المحتاج لا يملك الانتظار والصبر على الروتين القاتل في صرف المساعدات الاجتماعية، فهذا الأمر يجعلنا في الكويت أكثر حرصا على البذل والعطاء للفقراء والمساكين.
وقد يظن البعض أن الكويت ليس فيها محتاج ولا فقير، لكن هذه الفرضية غير صحيحة فبيننا أسر تفترش الأرض ولا تجد قوت يومها فقد سدت أمامهم سبل الحياة الكريمة وعندما يذهب المحتاج إلى بعض الجهات الخيرية يمر بمراحل عديدة وأوراق كثيرة ليثبت لهم أحقيته في مساعدة مالية بسيطة، لذا أقول لهم حتى تحققوا هذا الذي تنشدونه قد تتشرد أسر ويعاني أطفال، فطهروا العمل الخيري من البيروقراطية والروتين، ويكفي المحتاج ذل الحاجة فأعطوا أهل الكويت من المحتاجين أولا قبل أن تذهبوا بها خارج الكويت، فلدينا في الكويت مآس وأسر متعففة تريد من يبحث ويفتش عنها في نفسه، فأسرعوا إلى إغاثة الملهوف.
قال رســولنا صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم «من فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة»، وعلى وزارتي الشؤون والداخلية ضبط كل أموال غير مشروعة أمام المساجد أو في أي مكان، حتى لا يشوب العمل الخيري أي شائبة واللجان غير المشروعة تنتهك القانون لأنها تعلم بالقول من أمن العقوبة أساء الأدب.
قال الشاعر:
ليس للذل حيلة في نفوس
يستوي الموت عندها والبقاء
اللهم احفظ بلدي الكويت وأميرها وشعبها ومن عليها من المخلصين من كل شر ومكروه، ونسأل الله في هذه الأيام المباركة التي أقسم بها بقوله عز وجل (والفجر وليال عشر) أن يزول هذا الوباء والمرض وتنقشع هذه الغمة من جميع دول العالم وترجع الأيام كما كانت وأحسن بإذن الله، اللهم آمين.
[email protected]