هناك العديد من الأمثلة المتداولة في حياتنا يأخذها البعض كمسلمات كما هي دون التفكير في صحتها! مثل: «مد ريولك على قد لحفاك»، و«صاحب بالين كذاب».. وغيرها من الأمثلة «الدايخة» التي لو سمعها وأخذ بها ابن رشد والفارابي وابن سينا ودافينشي وسقراط وغيرهم من المبدعين بالماضي لما دامت أسماؤهم محفورة في كتب التاريخ! حيث تجد أحدهم طبيبا وفي نفس الوقت فيلسوف وأديب، وتجد آخر كاتبا وموسيقيا وعالما ورساما في نفس الوقت، فالموهبة والعلم والهواية والعمل وتنوع الأنشطة لا يوجد ما يحددها، فهي تتفاوت من شخص إلى آخر، فالإبداع ليس له حدود إلا في عقول المؤمنين بمثل هذه الأمثلة!
استحوذ خبر انتقال اللاعب الأسطوري ليو ميسي من نادي برشلونة الاسباني إلى النادي الفرنسي باريس عناوين الصحف ونشرات الأخبار وهو بعمر الـ 34، ولا زال في المقابل البرتغالي كريستيانو رونالدو يحطم الأرقام القياسية في مختلف مشاركاته الأوروبية وهو بعمر الـ 36، الا أن الواضح في الأوساط الرياضية أنه لن يأتي من بعدهما «نجم أوحد أسطوري» يصنع الفارق لفريقه، حيث أرى أن زمن «النجم الأوحد» لن يستمر في مختلف المجالات لتحل محله «المنظومة الناجحة» المتكاملة.
فمحليا بالرياضة: لن يولد نجم أوحد كما كان بالشكل التدريجي: عبدالرحمن الدولة ـ جاسم يعقوب ـ فيصل الدخيل ـ عبيد الشمري ـ سمير سعيد ـ بشار ـ بدر المطوع.. ولا بالفن بعد غانم الصالح وعبدالحسين عبدالرضا وعادل إمام، ولا بالسياسة كمن رحلوا أو اعتزلوا العمل السياسي، وبغيرها من المجالات الأخرى، فبيئة صناعة النجم الأوحد غابت بغياب المعطيات التي تبرق وتضيء وفقها النجومية وتشرق معها الأعمال والمعاني والاستحقاقات، لتلقى الإشادة والشجن والتصفيق والوقوف احتراما لها، والأسباب متعددة ولا حصر لها، لعل أهمها غياب البيئة الخصبة للإبداع، فلا مكان لمعيار الكفاءة مقابل المحسوبية، حيث كانت بالسابق: العملة الجيدة تطرد العملة الرديئة، ولكن أصبح الواقع اليوم معاكسا لذلك، من ناحية أخرى أصبحت المؤسسات تعمل وفق منظومة متكاملة لا تعتمد على الفرد الواحد بل على المجموعة، لكي تستمر وتبقى دون الحاجة إلى التوقف أو التراجع في حال غياب أي فرد عنها، وهو أمر صائب لها، ولعل الأيام القادمة تخالف رأيي المطروح استنادا لوقائع التاريخ التي أثبتت عكس ذلك، لأن «لكل زمان دولة ورجال».. ولكن هذا الزمن مختلف!
[email protected]