في ذلك اليوم لم أستطع النوم، حاولت ولكن اتفق كل من حولي على بقائي مستيقظا، فراشي كان ساخنا، وأفكاري كانت مدججة بأسلحة الأرق الشامل.
لم يكن ذلك الإحساس جديدا أو مختلفا، لأنه اعتاد زيارتي «الأرق» من حين إلى آخر، لذلك علمت بأن ذلك الأرق سيزول وسيغلبه النعاس بلا شك. قدرة النعاس كبيرة على إجبار الكل على الخضوع والاستجابة للنوم في نهاية الأمر.
لابد أن أنام، ستغمض جفوني ولو لساعة واحدة قبل بزوغ الفجر، لكن مازالت الأفكار تحارب وتحارب بلا هداوة، حتى جاءت تلك الأصوات بالقرب من نافذتي، أشخاص لا تعرف هوياتهم أو جنسياتهم، كائنات بشرية وكفى، حتى أنني لم أفهم اللغة التي كانوا يتحدثون بها.
أصوات تخبرك أن هناك من يتحدث مع شخص آخر، موضوع ارتفع عليه وانخفضت وتيرة وإيقاع الأصوات، بين ارتفاع وانخفاض، تتخللها بعض الصرخات والضحكات.
جاءت تلك الأصوات كطوق نجاة، انشغلت بما وصلني من الأصوات وذهبت الأفكار وهربت في طريق اللاعودة.
أنقذني أشخاص لا أعرفهم، ربما لو حصل هذا الموقف في يوم لم تكن فيه الأفكار ضيوفا ثقيلة لكنت تضايقت منهم وانزعجت، وقد أخرج لهم خارج غرفتي أو أبلغ عنهم السلطات بتهمه الإزعاج، لكنهم أنقذوني في ذلك اليوم، لم أصمد كثيرا، عزفوا لي أغنية ما قبل النوم وغفوت، وأخيرا غفوت، أخيرا.
في المرة القادمة سأذهب إليهم، سأتواصل معهم حتى أطلبهم حين تشتد بي الأفكار، سيكونون خير علاج لذلك الأرق.