إن فصل إدارة أملاك الدولة كنشاط عن وزارة المالية من شأنه أن يخلق خللا في تناسق الأعمال فيما بين جباية الأموال من إيرادات استغلال أملاك الدولة والأعمال الأخرى التي تقوم بها الإدارة المالية العامة، فكيف ستتمكن الهيئة المزمع إنشاؤها من معالجة الخلل في تسجيل قيمة أملاك الدولة العقارية والتي لم تستطع وزارة المالية من معالجته رغم هيمنتها على أنشطة المالية العامة للدولة، والتي تملك من الأدوات في فرض هيبتها؟ فهذا تقرير ديوان المحاسبة للسنة المالية 2019/2020 قد أشير فيه إلى ظهور تباين في قيمة أملاك الدولة العقارية بالحساب الختامي للإدارة العامة للدولة بمبلغ وقدره 2.7 مليار دينار تقريبا، الأمر الذي يدلل على عدم بذل العناية الكافية لمتابعة قيد تلك الأملاك في سجلات الجهات الحكومية المعنية.
وفي سياق حالة سابقة عندما تقدم بعض أعضاء مجلس الأمة بمقترح قانون بفصل أحد أنشطة وزارة المالية، اعترضت وزارة المالية على مثل هذا المقترح بحجة أن فصل النشاط يخل بمبدأ التكامل بين عناصر دورة الميزانية، وتكامل السياسات التي تضعها الوزارة في هذا الشأن، وأن وزارة المالية مازالت تبذل جهدها نحو تحسين أداء المالية العامة في الكويت، ورفع كفاءة أداء الأجهزة المالية في الجهات الحكومية، إلى جانب رفع كفاءة قطاعات وزارة المالية المختلفة، والذي لا يتحقق إلا بتكاملها، حيث تكتمل دورة الميزانية كما جاء في نصوص المرسوم بالقانون رقم 31 لسنة 1978 بقواعد إعداد الميزانية العامة والرقابة على تنفيذها والحساب الختامي.
كما بررت بأن السلطة التنفيذية في سعيها لعلاج الاختلال الهيكلي للمالية العامة للدولة قد أصدرت القرار رقم 666 لسنة 2001 بشأن ضبط نمو الهياكل التنظيمية بالوزارات والإدارات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة، بعد أن انعكس ذلك سلبا على هيكل تصنيف الميزانية فأصبحت المصروفات الجارية تمثل 53.5% من جملة المصروفات العامة وتمثل المرتبات من المصروفات الجارية 47% تقريبا، وأصبح الباب الأول ـ المرتبات من المصروفات المحصنة (ميزانية السنة المالية 2013/2014).
وما يضيف المقترح بفصل النشاط ما هو إلا تضخم في النفقات الجارية إضافة إلى ما هو عليه الآن.
كما أن الأخذ بمقترح فصل النشاط من شأنه أن يحفز قطاعات أخرى في وزارة المالية للمطالبة بإنشاء أجهزة خاصة لها خارج نطاق وزارة المالية، رغبة في الكوادر الخاصة مما يفرغ الدور الريادي لوزارة المالية في ضبط وتخصيص الموارد المالية.
لذا، هل مضي وزارة المالية بإنشاء هيئة عامة للأراضي والعقارات تعنى بإدارة أراضي واملاك الدولة العقارية يتوافق مع ما كانت تبديه من رأي بشأن مقترحات أعضاء مجلس الأمة بشأن فصل بعض أنشطة وزارة المالية؟
وهل مبادرة وزارة المالية للتقدم بمشروع قانون بهذا الشأن يتلاءم مع ركائز رؤية الكويت 2035 والتي تستهدف الهيكل الحكومي ليكون رشيقا وأن يعالج الاختلالات في المالية العامة؟
وهل ورد مثل هذا المشروع ضمن أولويات المتطلبات التشريعية في برنامج عمل الحكومة (2021-2022/2024-2025)؟
في رأيي أن الإجابة عن تلك التساؤلات تعد أمرا ضروريا قبل الموافقة على إنشاء كيان خاص لإدارة أراضي وأملاك الدولة العقارية.
بقلم: بدر مشاري الحماد
نائب رئيس جهاز المراقبين الماليين بالوكالة (سابقا)
baderalhammad.com