ظهرت صيحة الوجبات السريعة منذ عدة عقود وانتشرت بسرعة في جميع أنحاء العالم إذ إنها جذبت العديد من المستهلكين بسبب التسويق المحموم الموجه لجميع فئات المجتمع وأصبحت ثقافة الوجبات السريعة هي السائدة وبدأت تختفي الوجبات التراثية التقليدية التي كانت تفخر بإعدادها كل امرأة كعلامة تميز لها في أسرتها وبين قريناتها في المجتمع وكذلك بدأت تختفي الوجبات الصحية التي تساعد في الحفاظ على صحة القلب.
ومن المثير أن الوجبات السريعة انتشرت كثقافة جديدة بالحياة وليس فقط كنمط وأسلوب للتغذية، فلم يعد أحد يطيق الانتظار حتى إتمام طهي الوجبات التقليدية ومن ثم ضمان الجودة وتحقيق الفائدة، ويبدو أن أنصار الوجبات السريعة قد حولوا حياتهم إلى الوتيرة السريعة حتى في اتخاذ القرارات إذ إن القرار إن كان شخصيا فهذا يعتبر من الخصوصية.
أما إن كان قرارا عاما ويمس المجتمع فيجب إعداده وعدم التسرع في تقديمه حتى لا يكتشف بعد فترة عن تداعيات يصعب علاجها تماما مثل ما نتج عن الوجبات السريعة من انتشار السمنة وزيادة الوزن ومرض السكر وأمراض الغدد والتي ألقت بأعبائها وتداعياتها على صحة الأفراد والأسرة والمجتمعات وأثقلت كاهل النظم الصحية وعرقلت خطط التنمية.
ومن ثم فإن الدرس المستفاد مما أصاب البشرية بسبب الوجبات السريعة التحضير هو تفادي القرارات سريعة التحضير بأي موقع وبأي مستوى فقد تحقق ردود أفعال سريعة ولكن تداعياتها تظهر بعد فترة وتكون تكلفة إصلاح تلك التداعيات باهظة الثمن إداريا ووظيفيا واقتصاديا وسياسيا.
وأتمنى من متخذي القرارات التمهل والركون إلى الحكمة والرؤية والبصيرة حتى لا يتسببوا بتداعيات وأضرار بعيدة المدى بسبب القرارات السريعة وحتى لا تتكرر تجربة الوجبات السريعة التي قلبت الموازين والتي مهما أضفنا لها النكهات والخلطات فلن يخفف من آثارها وتداعياتها.
وكذلك فإن القرارات السريعة يمكنها أن تؤدي إلى سلب الحقوق أو تعطيل العدالة أو حرمان المستحقين من وظيفة قيادية أو إشرافية أو هدر للمال العام دون مبرر يذكر.