استبشرت خيرا بعد متابعتي للقاء سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد مع قياديي الحكومة، وأعتقد أن هناك الكثير من المؤشرات التي يجب الوقوف عليها وتحليلها، لأن المرحلة الراهنة تتطلب تضافر جميع الجهود لأجل العمل المشترك من أجل مستقبل الكويت ومستقبل الأجيال الحالية والقادمة.
الواقعية: أول المؤشرات التي يجب الوقوف عليها في هذا اللقاء هو الواقعية، بداية من عنوان اللقاء «الكويت.. ما بعد الجائحة» مرورا بالعرض الواقعي الذي يتسم بالشفافية والمصارحة في تناول مختلف الأبعاد، وصولا إلى طرح الحلول للمشكلات، والبدء في التنفيذ من أجل التطبيق على أرض الواقع، وهذا المؤشر له دلالاته التي توضح حنكة سمو رئيس مجلس الوزراء وإدراكه لواقع الأمر، وأن القضية هي قضية أفعال لا أقوال، لأن الناس ملت من الكلام، وتريد حلولا واقعية يشعر بها المواطن ويجد ثمار الإصلاح الحقيقي والجاد من الحكومة، وهذا ما ننتظره.
تحمل المسؤولية: فارق أساسي بين القائد الحقيقي عن غيره، هو تحمل المسؤولية، وإن تحمل سمو رئيس مجلس الوزراء للمسؤولية، وبدأ بنفسه، يضع الأمور في نصابها، ويوضح أن المنصب العام هو مسؤولية وتكليف أكثر منه منصب شرفي يتباهى به صاحبه أو يستثمره لبسط نفوذه.
كلمات سمو رئيس مجلس الوزراء هي كلمات تضع يدها على الجرح، وتدرك بوضوح ما يدور في الشارع، وتوجه رسائل مباشرة لكل من المسؤولين والمواطنين أن الأمور لن تترك سدى، وأن كل شخص يعد مسؤولا في مكانه وعليه أن يتحمل المسؤولية، وهذا لا يقتصر فقط على المناصب القيادية، بل يشمل كل المستويات الوظيفية، وهو ما يتضح من السعي الواضح لربط المكافآت بالأداء، والاعتماد على مؤشرات الأداء في تقييم موظفي الحكومة.
محاسبة المسؤولين: «لا مكان بيننا لقيادي لا يتحمل المسؤولية» لعل هذه الرسائل هي من أبرز وأوضح الرسائل التي جاءت في اللقاء، ولعلها تكون نذير خير لكل مسؤول أن يفهم أنه لا مكان لاستخدام السلطات في غير موضعها، وأن القيادة تعني المسؤولية، وتعني أن يحاسب الجميع، فلا أحد فوق القانون، وأن محاربة الفساد تبدأ من محاسبة المسؤولين، حتى تسود العدالة والنظام. وقد استبشرت خيرا بهذه الكلمات، ورأيت فيها رؤية ثاقبة لسمو رئيس مجلس الوزراء لواقع الشارع الكويتي، ومعرفته الشديدة لما يدور بين الناس، وقد جاءت هذه الكلمات هي الأخرى لتؤكد جدية الحكومة، وهو ما يفرض علينا جميعا السعي لمساعدتها من أجل تطبيق هذه الخطوات الجادة في الإصلاح.
جدية التحول الرقمي: عهدنا العديد من الحكومات السابقة تقدم قدما وترجع الأخرى إلى الوراء في مسألة التحول الرقمي، لكن جدية سمو رئيس مجلس الوزراء تبدو قوية في المضي قدما وعدم العودة للخلف، حيث تم التأكيد على الاعتماد على تطبيق «سهل»، مع العزم في عدم العودة للمعاملات الورقية، وهو ما يبرهن على جدية التحول الرقمي الذي تعتزم الحكومة تطبيقه من خلال تطبيق «سهل»، ولعله يكون اسما على مسمى، ويسهل على المواطنين جميع المعاملات، وفق معايير الجودة الإدارية القياسية.
العديد من المؤشرات المهمة جاءت خلال هذا اللقاء، منها محاربة الفساد، ومنها تقدير الفجوة بين القدرات والمهارات والتنفيذ، ومنها جدية التخطيط والتنمية، ومنها طرح الحلول، وهو ما لا تتسع سطور هذا المقال لتناوله، لذا انتظرونا في المقال القادم، مع تحليل جاد لمساعي الحكومة الجادة في الإصلاح، عسى الله أن يوفقها لصالح الكويت وشعبها، وعسى الله أن يلهمنا جميعا لنكون مددا وعونا لأجل مستقبل أفضل للكويت الغالية.