من المثير أن نرى العربة والحصان بقرب بعضهما، ولكن كيف يستطيع أن يجر الحصان العربة إن لم تكن هناك وسيلة لارتباطهما؟ وهذا هو واقع الكثير من الوزارات والهيئات والمؤسسات حيث تجد لديها شعارات تنطلق عن إعادة الهيكلة دون إدراك معنى ووظيفة الهيكل التنظيمي ومتى يجب التفكير في تعديله أو إعادة هيكلته.
إن الهيكل التنظيمي لأي وزارة أو هيئة أو مؤسسة هو إدارتها لتحقيق رسالتها واختصاصاتها فكيف نعيد الهيكلة لها دون وجود استراتيجية وخطط مكتوبة ورؤية مستقبلية واضحة؟ وعند الحديث عن إعادة الهيكلة يجب على من يطلق هذا الشعار أن تتوافر لديه المبررات والحجج المبنية على دراسات علمية إذ أنه لا يمكن إعادة الهيكلة لأسباب شخصية لأن ذلك هو قمة الفشل والتخطيط له إذ لا يمكن إصلاح خلل الهيكل التنظيمي في أي وزارة أو هيئة أو مؤسسة دون تشخيص الخلل وأسبابه ثم وضع الوصفة العلاجية والتأهيل لذلك.
ولنتعلم من دروس غيرنا سواء بإعادة الهيكلة أو بإصلاح الأورام غير الحميدة ببعض الهياكل التنظيمية والتي يثيرها ديوان الخدمة المدنية وتقارير الجهات الرقابية وما أضيف إليها من كيانات غير شرعية من حين لآخر.
ومما لا شك فيه أن العبث غير المدروس في الهياكل التنظيمية ستكون له تداعيات يصعب التنبؤ بها وأهمها استحداث وظائف إشرافية مكلفة على المال العام.
وأتمنى ألا يفتح الباب على مصراعيه لإعادة الهيكلة ببعض المواقع بعد أن أصبحت آيلة للسقوط وغير آمنة، وإنني أثق أن الجهات الرقابية بالدولة لن تقف موقف المتفرج من الدعوات بإعادة الهيكلة غير المستندة إلى دراسات ومبررات للترضيات والمجاملات والإسقاط الجوي بالمظلات.
وهناك العديد من الأمثلة الحية عن عربات لا يمكن للحصان جرها في هياكل تنظيمية بوزارات امتدت إليها أيدي العابثين في غفلة من الجهات الرقابية بالدولة وهي أخطاء يجب أن نتعلم منها وألا تتكرر مهما كانت الضغوط والمصالح وجميعها ليست خافية على أحد بدليل تسجيلها المتكرر بتقارير الجهات الرقابية منذ عدة سنوات.
وإن استمر أسلوب العربة والحصان فإنه من الطبيعي أن يكون اتجاه الحركة عشوائيا ولن نستطيع تحقيق التقدم المطلوب لتحقيق رؤية كويت المستقبل.