إن معالجة المشكلة الإسكانية من خلال التعديل التشريعي لقانون إنشاء الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية على النحو المقدم من أعضاء مجلس الأمة في رأيي لم تكن تعديلا حصيفا، فبدلا من أن تتم معالجة المشكلة الإسكانية من خلال التشريع الخاص ببنك الائتمان الكويتي وهو الجهة المختصة من خلال زيادة رأسماله أو من خلال زيادة حدود اقتراضه إذا ما تطلبت الظروف ذلك، تم المساس بأهداف الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية وفلسفة إنشائه، علما أنه غير معني بالتنمية المحلية لأنها مسؤولية الجهات المختصة بالدولة وفقا لقوانين ومراسيم إنشائها، ومثل هذا التعديل يعتبر إقرارا بوجود قصور في مؤسساتنا المحلية وتشريعاتها المعنية بمعالجة القضية الإسكانية.
ولم تقف التعديلات التشريعية عند هذا الحد، فنحن أمام مقترح قانون آخر بتعديل قانون إنشاء بنك الائتمان الكويتي، في رأيي فإن هذا التعديل المقترح يعد فريدا من الناحية التشريعية، ففي ظاهر هذا التعديل زيادة رأسمال البنك وفي باطنه مرة أخرى تعديل تشريعي مشوه على قانون إنشاء الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، وذلك بتخفيض حقوق الملكية بقيمة 750 مليون دينار لتتم تغطية زيادة رأسمال البنك.
إن مثل هذا الاقتراح من شأنه أن يؤثر على المركز المالي للصندوق، والذي ترتكز أعماله على تمويل المشاريع التنموية بالدول العربية وتقديم المساعدات الفنية لهم من خلال رأسماله وعوائد احتياطاته، وبهذا المقترح سيتم تخفيض احتياطاته بنسبة 22% تقريبا، كما سيؤثر على تقييمه الائتماني.
من جانب آخر، فإن الهيئات والمؤسسات الحكومية الأصل فيها أن يتم تمويلها من الخزانة العامة للدولة مباشرة وليس من خلال الاستقطاع من رؤوس أموال واحتياطيات الهيئات والمؤسسات الحكومية الأخرى! وهذا ما قررته التشريعات القائمة استنادا لأحكام الدستور.
هذا ولا أزال عند رأيي الذي سبق أن نشرته أن السلطة التنفيذية هي المسؤولة عن توفير التمويل الكافي للبنك، باعتبارها مسؤولة عن التكامل في المنظومة الإسكانية ما بين توزيع القسائم السكنية وتوفير التمويل اللازم لبنائها، وإذا ما رأى المشرع ضرورة زيادة رأسمال البنك فعليه اتباع الإجراءات السليمة في نظري والمتمثلة بإعادة النظر في قانون إنشاء بنك الائتمان الكويتي بحيث تتم زيادة رأسماله من الخزانة العامة للدولة إذا تطلب الأمر ذلك أو زيادة حدود اقتراضه، هذا بعيدا عن إعادة النظر في توزيع أرباح المؤسسات الحكومية وتخصيصها لمؤسسات أخرى، والتي منها الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية.
فإذا ما رأى المشرع إعادة النظر في آلية احتفاظ المؤسسات لأرباحها، يتم تعديل تشريعاتها بحيث يتم تحويلها إلى الخزانة العامة للدولة، كما أنه يجب أن يستهدف التعديل التشريعي تمكين بنك الائتمان الكويتي من القيام بأهداف إنشائه دون تخصيص التشريع لأوجه محددة كمعالجة مشروع مدينة المطلاع السكنية، كما وضحته المذكرة الإيضاحية للقانون المقترح.
بدر مشاري الحماد
نائب رئيس جهاز المراقبين الماليين بالوكالة (سابقا)
baderalhammad.com