وصلني الكثير من الرسائل تعليقا على مقالتي السابقة والتي حملت العنوان نفسه، وربما كان هذا هو السبب في تأخري في كتابة مقالي الثاني، لمحاولتي لتحليل ردود الفعل وفهم الانطباعات في الآونة الحالية، فالبعض يرى أني أبالغ في التفاؤل، والبعض يرى أن الحكومة لم تقدم أوراق اعتماد جديتها في الفترة الحالية، والبعض يرى أن هذا السيناريو مكرر من الحكومات السابقة بدعوى الإصلاح والتطوير ولا جديد يذكر ولا قديم يعاد، والبعض يرى جدية الحكومة في التغيير والإصلاح، والحقيقة أن تخوف البعض من التفاؤل له ما يبرره، فالعديد من الأحداث أدت إلى نقص ثقة الشارع الكويتي بالدوائر السياسية، لكن ما أقوله بوضوح إن هناك نمطا جديدا وواضحا في التعامل مع المشكلات، هذا النمط بدا جليا من خلال كلمات سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد مع قياديي الحكومة، من حيث الاعتراف بالمشكلة، وتحمل المسؤولية والواقعية، ومحاسبة المسؤولين، وجدية التحول الرقمي، ومن ثم فإن سمو الشيخ صباح الخالد يقدم لنا نهجا نستطيع من خلاله متابعة الحكومة ومحاسبتها، وفي الوقت ذاته فإن المصارحة دليل واضح على جدية الإصلاح والعمل من أجل التطوير، حيث لم يقل سمو رئيس مجلس الوزراء إن جميع الأمور على ما يرام وأن الكويت في أبهى صورها، بل بدأ بتشريح الواقع وتقديم صورة مجردة دون رتوش أو تجميل حين قال «لدينا القدرات والإمكانيات والشباب، ولكن أين وصلنا وكم خطوة قطعنا؟!»، هذا هو السؤال المهم الذي يمكن أن تبنى عليه المرحلة القادمة، إذن فالمشكلة ليست مشكلة موارد، وإنما مشكلة إدارة هذه الموارد، وهذا هو الدور الذي ننتظره من الحكومة، وهذا هو التوصيف الحقيقي للمشكلة، فالكويتيون مبدعون في جميع المجالات، وفي كل دول العالم، لذا فإنه من المهم استثمار هذه القدرات والإمكانيات والمهارات لوضع الكويت في المكانة التي تستحقها، وهذا هو المنتظر من حكومة الشيخ صباح الخالد.
إن تفاؤلي بالحكومة الجديدة وإيماني بجديتها نابع بالأساس من تحليلي للنهج الذي ترسمه الحكومة بذاتها ولذاتها، ومن ثم فإننا أمام حكومة لديها القدرة على تحليل الواقع ورسم الطريق الذي يمكن للمواطن أن يتابع سيرها من خلالها ويقيم تقدمها وخطواتها في طريق الإصلاح والتنمية، لذا، فالمرحلة القادمة هي مرحلة مهمة سيتم فيها اختبار جدية الحكومة في الإصلاح، ونهجها الجديد في المصارحة والمكاشفة والرغبة في التنمية والتطوير، وهو ما يستلزم تكاتفا وطنيا وشعبيا على كل المستويات والأصعدة، ولذا عنونت مقالي بأن الحكومة جادة، فساعدوها، وإلى المزيد في المقال القادم للوقوف على طرح الحكومة للحلول، ومحاسبة الفساد، وجدية التنمية والتخطيط.
٭ أرجوحة أخيرة: أبارك للزملاء الأعزاء لاختيارهم المستحق في مكاتبنا الثقافية الموقرة والتي تهتم بشؤون أبنائنا الطلبة خارج وطننا الحبيب ليكملوا ما تعلموه في الوطن ويكتسبوا خبرات تزيدهم علما ومعرفة ليكونوا السواعد التي يبنى عليها المستقبل المنتظر للأجيال القادمة.
ودون أدنى شك فإن الخامات والهامات التي تم اختيارها قادرة على النهوض بمهامها على أكمل وجه، وإن دل ذلك فإنما يدل على حسن الاختيار وشفافيته بين المتقدمين، والتوفيق فال الجميع.