من أكبر الفجوات التي نعاني منها في بلد صغير مثل الكويت هو أن قليلا ممن هم في السلطة غير مدركين للخلل الحقيقي في الحياة اليومية لدى الشعب والمقيمين في البلد بالتبعية، فيحدث أن يكون المشرع والمنفذ على بعد أميال من مكمن الخلل في حين أنهم يظنون أنهم يحسنون صنعا.
لنضع مثالا بسيطا ثم نقترح له حلا أبسط، لعلنا نرسم بهذا ما يشبه الخريطة للتعامل مع الفجوة الكبير بين المكانين، مشكلة النقل، المواصلات العامة تحديدا، ربما تمس المقيم بشكل مباشر، لكنها تلامس المواطن بشكل غير مباشر ويومي، وحل أي مشكلة تواجه هذا القطاع مرهونة بفهم المسؤول الحكومي أولا من خلال تجربته لها، ليس خيالا حين نقول «تجربته» فما المانع أن يخصص يوم واحد في السنة تحت مسمى يوم المواصلات العامة، على غرار ما فعلت دبي حين خصصت الأول من نوفمبر للاحتفال بهذا القطاع الهام في المدينة، تذهب الحكومة بجميع وزرائها في هذا اليوم لأداء أعمالها مستقلة وسائل النقل العام، وتشاهد عن قرب ما يعانيه من يرتاد هذه المرافق العامة من محطة الانتظار إلى وسيلة النقل إلى سعر التذاكر ومستوى قيادة السائقين.
هذه الأمور حين تتم مناقشتها في مجلس الوزراء سيكون لكل منهم تجربته، أعني هنا جميع الوزراء في الحكومة، ولا عجب أن تأتي الحلول في صميم كل المشاكل التي يعاني منها قطاع مهم يعتبر عصبا للحياة اليومية في بلد يعاني مــن الازدحام المروري منذ أمد بعيد.
تجربة كهذه قد تنقل الفكر الحكومي إلى ما هو أبعد من ذلك، فالوزراء الكرام لم ينتظر أحد منهم دوره في الإسكان لأنه ببساطة يمتلك سكنه الخاص نظرا لحاله الميسور وحال أسرته أحيانا، لم يدرس أحد أبنائه في مدارس حكومية تعاني الأمرين من مناهج ومرافق ومعلمين، ومرجع ذلك لمعايير اختيار الوزراء في الدولة، فالسلطة لا ترى إلا من هم في الواجهة، والواجهة دائما للأغنياء، التجار ومواليهم.
نحن لا نعترض الآن على هذه المعايير بقدر رغبتنا في أن تنزل هذه الطبقة من الشعب لمن هم في الأسفل لعلها تعرف يوما سبب الشكوى بدلا من غلق الأبواب للشعور بالراحة.