هو الأستاذ العلامة الجليل د.محمود مظفر الذي توفاه الله تعالى مؤخرا بعد عمر طويل قضاه في العلم والتعليم والمعرفة، ورعاية الأجيال.
وقد تشرفت بأن يكون هو المشرف على رسالتي لنيل شهادة الماجستير في «المشاريع الوقفية والتوسع في مفهوم مقاصد الواقفين»، وكان لتوجيهاته السديدة الأثر القيم في المنهجية العلمية في البحث، ما مهّد السبيل لي إلى العمل لنيل شهادة الدكتوراه في «الأوقاف الجعفرية الكويتية - الظروف الجغرافية والسياسية والتشريعية» تحت رعاية مقامات علمية لدى الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية في لندن.
وكل ذلك طور علاقتي بالأستاذ المرحوم د.مظفر، إلى علاقة الأخ الكبير بأخيه الصغير، ولذلك تشرفت بزيارته في مدينة الظهران بالمملكة العربية السعودية، وشرفني بالتعرف على عائلته الكريمة وغمرني بكرم ضيافته، وكنت على تواصل هاتفي بين فترة وأخرى وشرفني مرة أخرى عندما استجاب مشكورا لاستضافته في أحد الملتقيات العلمية للوقف الجعفري في وطني الكويت.
وقد كنت في زيارة لإحدى الدول التي تتشدد في دخول الكتب، لكنهم ما إن رأوا اسم د.مظفر على الغلاف بوصفه المشرف على الرسالة، وافقوا فورا على عدة نسخ من كتابي المذكور، والتي اصطحبتها للإهداءات العلمية.
وأستاذنا الراحل من أبرز العلماء المؤسسين لهذه الجامعة وأساتذتها المحققين، الذين جمعوا بين الدراسة الأكاديمية والدراسة الحوزوية، فكان صاحب رؤية معاصرة للتراث الفقهي الإسلامي بمختلف مذاهبه ومدارسه. ويسرد رفيق دربه أستاذنا د.إبراهيم العاتي لمحة عن حياته العلمية بقوله:
الفقيد الراحل سليل أسرة علمية عريقة، فوالده المرجع الفقيه آية الله الشيخ محمد حسن المظفر (قدس الله نفسه الزكية)، صاحب كتاب (دلائل الصدق)، وعمه العلامة المجدد آية الله الشيخ محمد رضا المظفر، رائد حركة التجديد والإصلاح في الحوزة العلمية في النجف الأشرف، وقد تتلمذ على يديهما. وحينما افتتحت كلية الفقه في النجف في العراق أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، كان من أوائل من سجلوا فيها وحصل على البكالوريوس في الشريعة الإسلامية واللغة العربية عام 1962، ثم درس القانون في كلية الحقوق بجامعة بغداد عام 1965، وحصل على الماجستير في القانون المقارن من نفس الجامعة، وكان بحثه عن «إحياء الأرض الموات»، ثم حصل على الدكتوراه من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة مع مرتبة الشرف الأولى عام 1977، وموضوع الأطروحة «الثروة المعدنية وحقوق الدولة والفرد فيها». ثم عمل في العراق عميدا لجمعية منتدى النشر، وأستاذا في الجامعة المستنصرية في بغداد، وفي جامعة الملك عبدالعزيز في جدة.
لقد غادرنا من هذه الدنيا الفانية، ليستقر في رحمة الله الواسعة في معية النبي المصطفى وآله الأطهار وأصحابهم الأبرار.
الفاتحة.
[email protected]