بيروت ـ عمر حبنجر
أفق الحلول لأزمة لبنان مع الدول الخليجية مازال مقفلا، وخريطة الطريق التي رسمها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للحل مغلقة بالكامل، وامام هذه الحالة العدمية ثمة من بدأ يتوقع المزيد من الفوضى السياسية والمعيشية، والتي غالبا ما تكون مقدمة للاحتكام إلى البندقية والمدفع.
ميقاتي وضع الكرة في ملعب حزب الله، الممانع الرئيسي لاستقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، وجوابه السريع على طرح ميقاتي أجهض محاولة رئيس الحكومة المنسقة مع رئيس الجمهورية ميشال عون، وهو لم يكتف برفض استقالة قرداحي، انما أضاف اليها التأكيد على كف يد المحقق العدلي طارق البيطار عن ملف التحقيق بجريمة تفجير المرفأ، وإلا فإن مصير الحكومة في قبضته.
موقف حزب الله هذا خرج إلى العلانية، بعد الرسالة الحازمة التي وجهها الرئيس ميقاتي من السراي الكبير متضمنة خريطة طريق للخروج من الأزمة ومتوجها إلى وزير الاعلام بالمباشر وإلى حزب الله، من دون ان يسميه، متخذا موقف رفع يد الحكومة عن القضاء، الذي يراد منه عرقلة اجتماعات الحكومة، رافضا إدارة البلاد بلغة التحدي والمناورة، بل بكلمة سواء تجمع اللبنانيين، ومخطئ جدا من يعتقد انه قادر على فرض رؤيته، بقوة التعطيل والتصعيد، أو يمكنه ان يأخذ اللبنانيين إلى حوارات بعيدة عن تاريخهم العربي وعلاقتهم الوطنية على كل الصعد مع الدول العربية والخليجية.
ميقاتي سيتحدث مجددا ظهر الاثنين، في لقاء تشاوري مع ممثلي قوى الإنتاج، حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي في ظل الأزمة الراهنة.
الرئيس عون بدا موافقا على المخرج المقترح من جانب رئيس الحكومة، والقائم على أساس إقناع قرداحي بالاستقالة، او اقالته في مجلس الوزراء بعد تأمين أكثرية ثلثي أعضاء المجلس، عبر انضمام كتلة لبنان القوي إلى مؤيدي الإقالة، بمواكبة بيان صدر عن وزارة الخارجية يدين الاعتداءات الحوثية على السعودية بواسطة الطائرات المسيرة.
وواضح ان الفريق الرئاسي المتحالف مع حزب الله عبر تفاهم الحزب والتيار الحر لا يلتقي مع الحزب في مسألة الإطاحة بالمحقق العدلي طارق البيطار، التي تصب في مصلحة الوزير السابق يوسف فنيانوس، ممثل «المردة» ورئيسها سليمان فرنجية، مرشح حزب الله، كما يبدو، لخلافة الرئيس عون على رأس الجمهورية.
أما حزب الله فموقفه واضح من رفض المشاركة في جلسة لمجلس الوزراء، لا تقر إبعاد القاضي البيطار عن ملف المرفأ، ولا يوافق على ملاحقة الوزراء والنواب، امام هذا القاضي، وقد كرست تصريحات نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم هذا المعنى السلبي، وزكاه موقف كتلة الوفاء للمقاومة الداعمة لقرداحي، حول خطوات عمل الحكومة، وتمسكت بإبعاد القاضي البيطار.
هذه المواقف الرافضة أوجبت على الرئيس ميقاتي الاتصال بالمعاون السياسي للسيد حسن نصرالله، الحاج حسين خليل، بشأن استئناف جلسات الحكومة، وموضوع قرداحي، فتبلغ منه رفض الحزب وضع هذا البند على جدول الأعمال، مذكرا أنه المشكلة الأساسية لمقاطعة جلسات الحكومة هي تحقيقات البيطار.
بدوره، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، الداعم لقرداحي، متمسك بموقفه، فهو لا يطلب منه الاستقالة ولن يوافق أحد على اقالته.
في غضون ذلك، يعقد المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى اجتماعه الدوري السبت برئاسة المفتي الشيخ عبداللطيف دريان، لدراسة الوضع العام من زاوية الأزمة التي ولدتها تصريحات الوزير جورج قرداحي، وما تلاها من تصريحات لوزير الخارجية عبدالله بوحبيب السلبية حيال المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، حيث سيكون للمجلس الشرعي موقفا حاسما إلى جانب إعادة المياه إلى مجاريها بين الأشقاء العرب، مع اظهار الارتياح لتحركات الرئيس ميقاتي في هذا السياق.
وتوقفت المصادر المتابعة أمام الظهور الإعلامي للعشائر العربية في برنامج «صار الوقت» مع الإعلامي مارسيل غانم عبر قناة «أم تي ڤي» والتحدث بلغة متحدية للواقع القائم، ومدافعة عن انتماء لبنان العربي، وعن الدور السعودي والخليجي الحاضن للبنان على الدوام.
المصادر عينها لمست الكثير من الاحتقان في الوضع اللبناني العام، وحذرت من فوضى عارمة تعم لبنان في ظل شلل السلطة تحت ضغط فائض السلاح والأجواء الإقليمية الملبدة.