قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن تعافي الاقتصاد الكويتي من جائحة «كورونا» يسير على قدم وساق، بفضل ارتفاع معدلات التطعيم نسبيا، مما ساهم في تراجع الإصابات اليومية بفيروس كوفيد-19 الى أدنى مستوياتها.
وفي إطار مساعي الحكومة لتسريع وتيرة تعافي الاقتصاد والعودة لمساره الطبيعي ومستوياته قبل تفشي الجائحة بأسرع وقت ممكن، تم بالأسابيع الأخيرة رفع كافة القيود المفروضة على حركة تنقل الأشخاص ممن تلقوا اللقاحات وعودة العمل في مطار الكويت الدولي بكامل طاقته الاستيعابية. كما تم توسيع قائمة الدول المؤهلة للحصول على تأشيرات زيارة تجارية وسياحية.
وأدى زخم النشاط الاستهلاكي إلى تعزيز الاقتصاد غير النفطي والذي تسارعت وتيرة نموه ليسجل ارتفاعات قياسية على خلفية الطلب المكبوت والدعم الناتج عن قرار الحكومة إعطاء مهلة للمواطنين لسداد أقساط القروض. كما انتعش النشاط العقاري، حيث شهدت مبيعات العقارات السكنية نموا ملحوظا فيما يعزى جزئيا إلى تفضيل المستثمرين لهذا القطاع.
وظل الائتمان الشخصي يسجل نموا جيدا في الربع الثالث من العام، في حين واصل سوق الأسهم المحلية الزخم الذي بدأ في الربع الثاني من العام وانطلق ليحقق المزيد من المكاسب ليحل بقائمة الأفضل أداء على مستوى الأسواق الناشئة هذا العام حتى الآن.
انتعاش مذهل
بطبيعة الحال، يبدو انتعاش العديد من المؤشرات على أساس سنوي مذهلا بسبب التراجعات التي شهدتها في الفترة نفسها من العام 2020 والتي تعتبر ضعيفة للغاية. ولاتزال هناك نقاط ضعف، لاسيما في قطاع الأعمال، الذي أعاقه فقدان الوظائف المرتبط بالجائحة وضعف نشاط المشاريع، وانعكس ذلك على ضعف الائتمان المقدم للشركات.
بالإضافة إلى ذلك، ما تزال أوضاع المالية العامة واقعة تحت الضغوط، وذلك على الرغم من تحسن مستويات السيولة مع ارتفاع أسعار النفط. ولا توجد ثمة دلائل على أن الارتفاعات الأخيرة في أسعار الطاقة والسلع بصفة عامة ترجع إلى عوامل هيكلية وليست دورية، لذلك ما تزال هناك ضرورة ملحة لضبط أوضاع المالية العامة وتطبيق الإصلاحات.
إلا ان آفاق تحسن الاقتصاد السياسي للبلاد تبدو الآن في وضع أفضل بشكل ملحوظ مما كانت عليه قبل 3 أشهر بعد الحوار الوطني الناجح نسبيا. ويبدو أن المناقشات والحلول قد تم طرحها في ظل العمل بروح التوافق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
ارتفاع التضخم
كشف الإصدار (الذي تأخر كثيرا) لبيانات مؤشر أسعار المستهلك عن شهر مايو ارتفاع معدل التضخم إلى 3.2% على أساس سنوي (+0.3% على أساس شهري) مقابل 3.1% في أبريل على خلفية مجموعة عوامل تتضمن عدم التوازن بين الطلب المكبوت وقيود سلسلة الإمدادات.
وفي الوقت الذي شهد ارتفاع العديد من المكونات الفرعية للمؤشر، إلا أن ارتفاع بعض الفئات كان أكثر حدة ومن ضمنها المواد الغذائية (+11.3% على أساس سنوي)، والترفيه (+7.8%) والملابس (+5.9%). وفي واقع الأمر، كان الارتفاع الذي شهدته أسعار الأغذية والمشروبات هو الأعلى على مستوى البيانات المتاحة (ارتفعت أسعار الفواكه واللحوم بأكثر من 20% على أساس سنوي)، فيما يعكس الارتفاع الملحوظ لأسعار المواد الغذائية على مستوى العالم. من جهة أخرى، كان تضخم خدمات القطاع السكني ثابتا (+0.1% أساس سنوي). واستقر معدل التضخم الأساسي، الذي يستثني كلا من المواد الغذائية والإسكان، عند مستوى 2.7% على أساس سنوي.
بدأ النشاط الاستهلاكي في الانتعاش بعد الخروج من حالة الإغلاق في يونيو 2021، مما ساهم في انتعاش اقتصادي واسع النطاق وتسجيل نمو ملحوظ. كما ساهم أيضا في تعزيز هذا النمو تأجيل سداد أقساط القروض لمدة 6 أشهر للمواطنين (من المقرر أن تنتهي تلك المهلة خلال هذا الربع). وقد تسارع نمو إجمالي الإنفاق الاستهلاكي (كي نت) مرة أخرى في سبتمبر ليصل إلى 23% على أساس سنوي (+21% على أساس سنوي في الربع الثالث من عام 2021) ليسجل أداء شهريا قياسيا جديدا من النمو بوصوله إلى 2.54 مليار دينار. ويأتي تحسن النشاط الاستهلاكي في الربع الثالث من عام 2021 على الرغم من تحول المزيد من الإنفاق إلى الخارج بعد تخفيف قيود السفر في الصيف.
وفيما يتعلق بقنوات الدفع، واصل المستهلكون تفضيل الدفع عبر الإنترنت ومن خلال نقاط البيع بدلا من الدفع النقدي. ونما الإنفاق عبر الإنترنت ونقاط البيع بنسبة 48% على أساس سنوي وبنسبة 16.2% على أساس سنوي، على التوالي في الربع الثالث من عام 2021، بينما انخفضت عمليات السحب من أجهزة السحب الآلي بنسبة 4.7% على أساس سنوي خلال الفترة نفسها.
أعداد المقيمين بالكويت هبطت إلى 3.15 ملايين وافد
قال تقرير «الوطني» إن بيانات الهيئة العامة للمعلومات المدنية كشفت عن انخفاض عدد سكان الكويت بنسبة 0.9% في الأشهر الـ 6 الأولى من 2021 ليصل إلى 4.63 ملايين، وجاء هذا التراجع بعد انخفاض بنسبة 2.2% في 2020، والذي يعد الأكبر منذ نحو 30 عاما، بسبب رحيل نحو 134 ألف وافد مقيم في ظل الظروف التي فرضتها الجائحة. وقد غادر نحو 56.33 ألف وافد آخر البلاد بالنصف الأول من 2021 (-1.8%)، مما أدى إلى انخفاض عدد الوافدين إلى مستوى عام 2017 البالغ 3.15 ملايين نسمة. من جهة أخرى، نما عدد سكان الكويت بنسبة 0.9% إلى 1.47 مليون في الأشهر الـ 6 الأولى من العام، أما على صعيد التوازن الديموغرافي، بلغت نسبة المواطنين الكويتيين 31.8% من إجمالي التعداد السكاني، فيما يعتبر أعلى مستوياتها المسجلة منذ عام 2011.
2.2 % تراجع توظيف الوافدين بالنصف الأول
ذكر التقرير أن معدلات التوظيف بالكويت في طريقها لتسجيل تراجع للعام الثاني على التوالي، إذ بلغت 2.76 مليون في منتصف العام، بانخفاض بلغت نسبته 1.7% عن المستويات المسجلة بنهاية عام 2020. ويعزى ذلك بشكل حصري إلى تراجع توظيف الوافدين (-2.2% إلى 2.34 مليون) في النصف الأول من العام في ظل تسريح الموظفين الناتج عن الجائحة واستمرار سياسات توطين الوظائف (التكويت)، خاصة في القطاع العام. وبذلك، انخفضت أعداد الوافدين بأكثر من 20% منذ نهاية عام 2016. من جهة أخرى، نما معدل توظيف المواطنين بنسبة 1.3% في الأشهر الـ 6 الأولى من العام إلى 422.891 فردا. ويعزى هذا النمو إلى تزايد معدلات التوظيف في القطاع العام (+1.8%)، مع تراجع عدد المواطنين العاملين في القطاع الخاص بنسبة 1.5% إلى 62.296 فردا. ونتيجة لذلك، انخفضت نسبة تمثيل المواطنين العاملين بالقطاع الخاص إلى أدنى مستوياتها المسجلة في عدة سنوات إلى 14.7%، وهو اتجاه ينبغي عكسه إذا أرادت الحكومة مواجهة أبرز التحديات طويلة الأجل والمتمثل في خفض فاتورة الأجور المتزايدة.