بعد صدور مرسوم العفو مع تأهب المعفى عنهم للعودة لأرض الوطن هذا فضلا عن فرحة أطياف المجتمع لصدور العفو، فوجئنا في المقابل باستقالة الحكومة وهو الأمر الذي لم يكن له أي داع على الإطلاق، خاصة أن المفاوضات مع أعضاء مجلس الأمة انتهت إلى التسوية بين الطرفين والوصول الى الترضيات ولا اعتقد أنه كان هناك أي مطالب سوى صدور العفو.
فليت المطالب شملت قضية المواطن الأولى وهي التي تؤرقه ألا وهي القضية الإسكانية في ظل ارتفاع الإيجارات مع صغر مساحات السكن التي يقطنها اغلب المواطنين وهي قضية تمس المواطن حقا وليس قضية أناس كانت تعيش في دولة أوروبية حيث الجبال والطبيعة الخلابة والجو الجميل، بل ليت المطالب شملت المواطن المغلوب على أمره الذي يعيش مختنقا في وسط شقق صغيرة هو وأبناؤه وزوجته ولا يعرف الراحة، فليت تم التفكير بالمواطن المسكين ولكن المواطن المغلوب على أمره له رب ينصره فالبعض فرح بالعفو عن المحكومين في قضايا جزائية وليتهم فكروا في ظل تسوياتهم مع الحكومة في القضية الإسكانية وقضية إسقاط القروض مع إيجاد حلول لها.
ولكن مع الأسف التسويات لم تفكر في حال الشعب المغلوب على أمره بل شملت فقط المدانين بقضايا جزائية الذين انتهكوا قانون امن الدولة الكويتي.
إلا أن العفو صدر والتسويات انتهت ونأمل أن يستقر الحال السياسي لدينا لنصل إلى تسويات لقضايا اهم من قضية العفو ألا وهي الحالة المعيشية للمواطن الكويتي مع الوصول الى حلول لتحسين الوضع المعيشي.
بيد أن ما كان مفاجأة حقا هو أن تتقدم الحكومة باستقالتها فور صدور مرسوم العفو وهو الذي لا مبرر له وبالأخص انه كان من المفترض بعد التفاوض مع النواب أن تهدأ المشاحنات إلا أنها ما زالت مستمرة على حالها مع سيل الاستجوابات التي لا نعرف ما ستؤول إليه.
وإذا كان هناك وزراء عليهم تحفظ نيابي فبالقانون لا يحق للنائب أن يتحفظ على أي وزير لم تصدر عنه تجاوزات سياسية أو مالية أو إدارية، وعليه فإن شخص الوزير لا يعني النواب بل يعنيهم أداؤه، وأنا أجد أن الحكومة لم يفتح لها المجال للعمل منذ بدأت، إذن لم يكن هناك داع للاستقالة مطلقا.
أما إذا كان الهدف من الاستقالة هو التغول على السلطة التنفيذية، وتقلد عدد كبير من النواب لمنصب الوزارة، فهذا التغول على السلطة يذكرنا بأيام 1937 والتي تصدى لها المغفور له الشيخ أحمد الجابر، طيب الله ثراه.
فقضية التجاوز على السلطة التنفيذية واختصاصات رئيس الوزراء هذا أمره مرفوض وبالأخص أن الكفاءات الحقيقية الفذة ليست بين مقاعد النواب فهناك نواب كثر لا يملكون الكفاءة التي يمتلكها كثر خارج البرلمان، إلا أنهم مهمشون لأنهم لا يملكون المال والسلطة والنفوذ فلا يتم توزيرهم مع أنهم كفاءات حقيقية حتى ان أغلبهم بات يهاجر خارج الكويت لأنهم مضطهدون في الدولة.
حقيقة، بعد استقالة الحكومة نطالب أيضا باستقالة مجلس الأمة والبدء بحياة سياسية جديدة وتجديد الدماء فإذا كانت الحكومة قررت أن تغير دماءها فالأحرى أن تغير الدماء أيضا في مجلس الأمة.
وبالأخص بعد السلوكيات الخاطئة التي ارتكبها عدد كبير من الأعضاء والتصرفات غير المقبولة والتي كان أبرزها الجلوس في مقاعد الوزراء وأمام بوابة الدخول في مجلس الأمة.
فكما أن هناك وزراء أكفاء في الحكومة لم يترك لهم المجال للعمل نطالب باستقالة مجلس الأمة أيضا والبدء بحياة سياسية بنواب أكثر جدية.