أكد البيان الختامي لمؤتمر باريس الدولي حول ليبيا على ضرورة إجراء الانتخابات الليبية في موعدها المقرر في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل وإنشاء هيئة المصالحة الوطنية العليا بليبيا برعاية المجلس الرئاسي الانتقالي.
وشدد البيان الختامي على الاحترام الكامل لسيادة ليبيا واستقلالها ووحدة أراضيها ووحدتها الوطنية والتزام كل الدول المشاركة في المؤتمر بذلك، ورفض جميع التدخلات الأجنبية في الشؤون الليبية.
ووفقا للبيان، أعربت الدول المشاركة في مؤتمر باريس مجددا عن التزامها بإنجاح العملية السياسية الليبية، وبتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقع في 23 أكتوبر 2020 بالكامل، وبإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 24 ديسمبر 2021، وفقا لخريطة الطريق السياسية الليبية والقرارين 2570 و2571 الصادرين عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، واستنتاجات مؤتمر برلين الثاني.
وركز البيان الختامي على النقاط التالية:
أولا: شدد المشاركون على أهمية أن تلتزم جميع الجهات الفاعلة الليبية صراحة بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية حرة ونزيهة وجامعة تتسم بالمصداقية في 24 ديسمبر 2021 وفق ما ورد في خريطة الطريق السياسية وما أقره القراران 2570 و2571 الصادران عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في عام 2021 واستنتاجات مؤتمر برلين الثاني الذي عقد في 23 يونيو 2021 ، وأن توافق على نتائجها.
وأكد البيان الختامي أن نقل السلطة من السلطة التنفيذية الانتقالية الحالية إلى السلطة التنفيذية الجديدة يجب ان يجرى عقب إعلان المفوضية الوطنية العليا للانتخابات النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية والتشريعية في وقت واحد، وذلك منعا لحدوث أي فراغ في السلطة.
ثانيا: شدد المشاركون في المؤتمر على أهمية أن تكتسي العملية الانتخابية صبغة جامعة وتشاورية، داعين بالتالي الجهات الفاعلة الليبية إلى اتخاذ خطوات مناسبة بدعم من المساعي الحميدة لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بغية تعزيز الثقة المتبادلة وتحقيق التوافق، استعدادا للانتخابات المقبلة المزمع إجراؤها في 24 ديسمبر 2021.
ثالثا: تقديم الدعم التام لجهود المفوضية الوطنية العليا للانتخابات الرامية إلى وضع الأسس التقنية لتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية تتكلل بالنجاح في 24 ديسمبر 2021، بما في ذلك إعلان النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية والتشريعية في وقت واحد.
رابعا: دعا المشاركون في المؤتمر جميع السلطات والمؤسسات الليبية المعنية إلى تقديم الدعم اللازم للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات لكي تتمكن من إجراء انتخابات حرة ونزيهة وجامعة تتسم بالمصداقية، ولكي تتيح مشاركة النساء الكاملة والمتساوية والبناءة وإشراك الشباب.
وحث المشاركون في المؤتمر جميع الجهات الفاعلة الليبية والمرشحين الليبيين على التقيد بالتزامهم بإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر 2021، وعلى الالتزام علنا باحترام حقوق خصومهم السياسيين قبل الانتخابات وخلالها وبعد انتهائها، وعلى قبول نتائج الانتخابات الحرة والنزيهة والجامعة، وعلى التقيد بمدونة السلوك التي أعدتها المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.
كما دعوا جميع الجهات الفاعلة الليبية إلى مواصلة العمل معا والتحلي بالوحدة بعد إعلان النتائج، وإلى الإحجام عن القيام بأي عمل من شأنه أن يعرقل أو يقوض نتائج الانتخابات وتسليم السلطة على نحو ديموقراطي للسلطات والمؤسسات المنتخبة الجديدة.
وأكدوا أن الأفراد أو الكيانات داخل ليبيا أو خارجها التي قد تحاول أن تعرقل العملية الانتخابية وعملية الانتقال السياسي أو تقوضهما أو تتلاعب بهما أو تزورهما ستخضع للمساءلة وقد تدرج في قائمة لجنة الجزاءات التابعة للأمم المتحدة، عملا بالقرار 2571 الصادر عن مجلس الأمن في عام 2021، مشددين على التزامهم باحترام العملية الانتخابية الليبية جميع الجهات الفاعلة الدولية على أن تحذو حذونا.
وشدد البيان على ضرورة إجراء مصالحة وطنية شاملة وجامعة، تقوم على مبدأي العدالة الانتقالية، واحترام حقوق الإنسان وتقودها السلطات الليبية.
هذا وحث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كلا من تركيا وروسيا على سحب قواتهما من ليبيا في أسرع وقت ممكن لأن وجودهم «يهدد الاستقرار والأمن في البلاد والمنطقة برمتها».
وقال ماكرون في مؤتمر صحافي بعد أن شارك في استضافة مؤتمر باريس الدولي حول ليبيا إن «خطوة أولى تم القيام بها (...) عبر سحب 300 من المرتزقة»، لكنه أوضح أن «هذا الأمر ليس سوى بداية. على تركيا وروسيا أيضا أن تسحبا مرتزقتهما وقواتهما العسكرية بدون تأخير لأن وجودهم يهدد الاستقرار والأمن في البلاد والمنطقة برمتها».
من جهته، أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن ليبيا لا يمكن أن تستعيد سيادتها ووحدتها واستقرارها المنشود إلا بالتعامل الجاد مع الإشكالية الرئيسية التي تعوق حدوث ذلك والمتمثلة في تواجد القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب على أراضيها على نحو ينتهك ما نص عليه قرارا مجلس الأمن رقما 2570 و2571 والمخرجات المتوافق عليها دوليا وإقليميا الصادرة عن مؤتمر (برلين 2) ومقررات جامعة الدول العربية، والاتحاد الأفريقي، ودول جوار ليبيا، بشأن ضرورة انسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب من البلاد بدون استثناء أو تفرقة أو المزيد من المماطلة.
وأضاف الرئيس السيسي في كلمته خلال مؤتمر باريس الدولي حول ليبيا أن استعادة الاستقرار الدائم وتحقيق السلم الاجتماعي والحفاظ على الهوية والنسيج الوطني في ليبيا له متطلبات لا يمكن تجاوزها تتمثل في إتمام المصالحة الوطنية الشاملة بين جميع أبناء الشعب الليبي، وإيلاء الاهتمام للتوزيع العادل للثروات لتحقيق التنمية الشاملة في سائر أقاليم ليبيا دون استثناء، وصولا إلى دفع عجلة الاقتصاد وضمان الاستفادة المثلي من موارد ليبيا تلبية لآمال أبناء شعبها.
وجدد الرئيس السيسي تأكيد استعداد مصر التام لتقديم كل أشكال الدعم للأشقاء في ليبيا لتنفيذ خطة لجنة (5 + 5) العسكرية المشتركة في هذا الخصوص وتوحيد مؤسسات الدولة وبناء القدرات لكي يملك الليبيون مقدراتهم ويتمكنوا من تقرير مصيرهم ورسم مستقبلهم، وحذر من محاولات بعض الأطراف داخل وخارج ليبيا تقويض أي تقدم على صعيد هذا المسار تحت حجج وذرائع واهية ظنا بأنه يمكن المحافظة على وضع لا يمكن لأي ليبي حر معتز بوطنيته وسيادة بلاده القبول باستمراره.
الرئيس السيسي - في ختام كلمته - رسالة مباشرة للشعب الليبي قائلا: «ستجدون في مصر سندا لكم وقوة متى احتجتموها، دعما لأمنكم ولخياراتكم وطموحاتكم المشروعة في غد أفضل، وإعلاء لمصالح بلادكم العليا، ويدا تمد العون لنقل الخبرات من أجل تعظيم مصالحنا المشتركة، إيمانا من مصر بوحدة الهدف على طريق البناء والتطوير والتنمية، بما يحقق آمال شعبينا الشقيقين في ظل ما يربطهما من أواصر الأخوة والجوار والانتماء العربي والأفريقي والمصير المشترك».