النهج الذي اتبعته القيادة الكويتية في حل أكبر مشكلة سياسية «المهجرين» أو المحكومين في قضية دخول مجلس الأمة وقضايا الرأي، كان نهجا سليما أنقذ الحكومة والبرلمان من عقدة منعت تدفق الحياة السياسية المعتادة.
أصبح بإمكان الحكومة أن تبدأ من جديد وان تطلب فرصة لإثبات نهجها الإصلاحي الذي تنادي به، بعد أن كانت تصارع للبقاء وسط ارتباك سياسي ناجم عن هجوم نيابي على كل وزرائها بتقديمهم استجوابات ضدهم بعد أن بات استجواب رئيس الحكومة شبه مستحيل آنذاك.
وكذلك أوجد «مرسوم العفو» فسحة لنواب البرلمان للمناورة باتجاه الحكومة، ومن المتوقع أن يذهب بعض نوابها إليها وتخسرهم المعارضة السياسية التي بدأت بالفعل تعاني من عدم التماسك، وقد تزداد هذه الحالة كلما طالت المدة ومع عدم وجود قضية وطنية كبيرة جامعة لهم كـ«قضية العفو».
ما يهمنا هو أن الحالة السياسية الكويتية الآن قريبة لحالة الهدوء السياسي، فأقوى المعارضين داخل البرلمان وخارجه مع إعطاء الحكومة فرصة حقيقية لاختبار نواياها، وهل ستتبع سياسة تصفير المشكلات العالقة منذ زمن أو تقديم رؤية واضحة لسياستها بشأن تعزيز استقلالية القضاء، ومحاربة الفساد وملاحقة مرتكبيه، تعديل قانون الانتخاب وقانون الإعلام الإلكتروني، وحل قضية البدون، المشكلة الإسكانية وغيرها من القضايا، أم أن الحكومة تعود لسياساتها القديمة بعد أن استطاعت تفكيك المعارضة السياسية واستقطاب بعضها، بعد أن ضمنت البقاء طوال عمر البرلمان الحالي وربما القادم، كما في الوضع في برلمان 2013 و2016.
التاريخ والمجتمع كلاهما لن يرحم المتخاذلين ولن يسمح بإعطاء فرصة أخرى لأي حكومة بعد ذلك، وستكون تكلفة الإصلاح عالية سياسيا واقتصاديا آنذاك.
الخلاصة: هناك فرصة أمام الحكومة أوجدها «مرسوم العفو» لن تتكرر ويجب استغلالها إيجابيا أما العودة إلى السياسات القديمة فسيحتم بالضرورة عودة المعارضة السياسية أقوى من ذي قبل، خصوصا بعد عودة رموزها إلى البلد، وهم وإن لم يشاركوا في الانتخابات القادمة فإن فعاليتهم وتأثيرهم وقيادتهم للمشهد السياسي ستستمر طويلا.