يصادف الأسبوع من 18 إلى 24 نوفمبر من كل عام الأسبوع العالمي للتوعية بالاستخدام الرشيد للمضادات الحيوية ووقف سوء استخدامها والذي أدى إلى ظهور الميكروبات المقاومة لها وهي ظاهرة وللأسف الشديد تنتشر في معظم دول العالم وقد تؤدي إلى صعوبة العلاج أو إلى الوفاة أحيانا. إن استخدام المضادات الحيوية العشوائي والذي يكون بأخذ رأي قريب أو صديق أو بالخبرة وأحيانا من دون وصفة طبية قد أدى إلى ما يواجه العالم الآن وما يهدد النظم الصحية بسبب مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية والتي يصعب علاجها أو السيطرة عليها، مما أدى إلى انتشار الأوبئة بسبب هذه الظاهرة والتي هي من صنع الإنسان وأدى إلى مكوث المرضى مدة طويلة بالمستشفيات.
وقد وضعت الدول المتقدمة قيودا على صرف المضادات الحيوية، كما أن هناك أنظمة لرصد مثل تلك الحالات سواء في المستشفيات أو العيادات أو المختبرات ومن خلال أنظمة الترصد يمكن الكشف عن وجود أي سلالات أو أنواع من الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية وبالتالي تتم دراستها ووضع الخطط والبرامج للتصدي لها وتبادل المعلومات بين الدول بشأنها.
فقد أصبح موضوع الجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية هاجسا لوزراء الصحة ومنظمة الصحة العالمية وضمن أهداف التنمية المستدامة ذات العلاقة بالصحة التي اعتمدها قادة ورؤساء دول العالم في اجتماع قمة الأمم المتحدة في سبتمبر 2015 وأصبحت التزاما أمام المجتمع الدولي ومن ثم فإن وجود خطة عمل وطنية متعددة المحاور للتصدي لتلك الظاهرة بات ضرورة أمام النظم الصحية وبرامجها حيث ان عدم وجود خطة وطنية لرصد هذه الحالات وعدم التوعية لها أو إعداد البروتوكولات المناسبة لم يعد مقبولا في أي نظام صحي وخاصة إن كان يسعى لتحقيق الصحة الجيدة وخفض الوفيات والأمراض.
ويجب وضع هذا التحدي أمام قيادات النظم الصحية من أعلى قمة الهرم لتسخير الإمكانيات للتصدي لها سواء بالتشخيص أو بالعلاج بالرغم من صعوبة العلاج لأن الجراثيم مقاومة المضادات تحتاج إلى معجزات لعلاجها وخصوصا في المرضى الذين يعانون من ضعف المناعة كذوي الإعاقة أو كبار السن أو المصابين بأمراض مزمنة.
وقد يستحق هذا التحدي أن يكون على أولويات برنامج عمل وزارة الصحة مثل إنشاء المستشفيات والمراكز الصحية مع امتداد مظلة الرقابة والمتابعة إلى ما يحدث في القطاع الخاص من سوء استخدام المضادات الحيوية لتحقيق أهداف تسويقية أحيانا والتي قد يفتخر بها الطبيب حيث ان المريض يشفى بسرعة بينما المشكلة تتفاقم دون رقابة لغياب الخطة المتكاملة متعددة المحاور ومحددة المسؤوليات بما يتناسب مع التزاماتنا أمام المجتمع الدولي بالأهداف الإنمائية والعالمية للتنمية المستدامة. وقد تصبح مثل تلك الجراثيم متعددة المقاومة للمضادات الحيوية أسلحة للإرهاب البيولوجي الذي يخشاه الجميع ويحذّر منه العلماء.