للدولة «هيبة» يجب أن تكون مصونة وللقانون «قيمة» تكون بتحركه في خط التطبيق على الجميع، وبهذا نحفظ «النظام العام» وكذلك نقوي ونعزز «مؤسساتية» مطلوبة.
فالتساهل- أو التراخي- في تطبيق القانون مع مرور الزمن سيؤدي إلى مشاكل أكثر وأكبر، وكلنا شاهدنا ما حدث عند غض الطرف عن مسألة السماح باستخدام المناطق السكنية «استثماريا» في إيجار الشقق وخلافه، حيث تحولت مناطق نموذجية إلى مواقع «إزعاج» لا تطاق الحياة فيها مع الزحام الشديد وتواجد أعداد بشرية كبيرة لا تتحملها الطرقات والبنى التحتية، وأيضا ما يحدث من «لخبطة» في ارتفاعات المنازل إلى طوابق عالية «غير نظامية»، وهناك شواهد متكررة على بناء فوق الحد المسموح، وهذه التجاوزات غير النظامية نراها كذلك حول محولات الكهرباء بتحويلها إلى مواقف سيارات خاصة أو حديقة محوطة؟! ويعرف الجميع ما سيحدث في حال حصول عطل كهربائي والخطر الهائل من التأثير الذي سيشمل جميع أهالي المنطقة في حال الطوارئ أو وجود حريق أو الحاجة لإصلاح المحولات، كل هذه المشاكل وأكثر ستحدث فقط لأن أحدهم اختار وضع يده على أراضي الدولة كموقف لسيارته المصونة.
وهذه المسألة في التساهل بتطبيق القانون أصبحت محرجة لي على المستوى الشخصي حين سمعت من أحد الأصدقاء السعوديين كان يزور الكويت عن تجاوزات غير مقبولة لاحظها هو كمحب للكويت والتي لم تكن موجودة في السابق في مواقع أخرى «غير سكنية» في المناطق «الاستثمارية»، حيث يحتل أصحاب المحلات التجارية المواقف العمومية التي وضعت للجميع، ووصل الاستهتار إلى وضع لافتات «منع» وأيضا علامات بلاستيكية مع حواجز لمنع الناس من استخدام ما هو حق خالص لهم، ناهيك عن عدم الخوف من «الدولة» وعدم الاكتراث لعاقبة ما يفعلونه.
نفسه صديقي السعودي الذي يزور الكويت اندهش من حجم التجاوزات الموجودة في شارع سياحي حيوي يرتاده أهلنا بالخليج باستمرار وهو «شارع البلاجات»، والمفترض أن يكون شارعا راقيا في النظام والترتيب ولكن نجد كذلك من يضع علامات تحتكر المواقف العامة، وأيضا من يستخدم موظفين لتعطيل حركة السير دون سند قانوني لخدمة مشروعه التجاري أو النوادي الصحية أو أصحاب العمارات.
ما هو الحل؟ ببساطة ترك عقلية التهرب من العمل عند الجهات الحكومية المسؤولة وتحرك مؤسسات الدولة لتطبيق القانون وهو أمر بسيط، لكن تأثيره عميق وعكسي يعزز ويقوي ما نريده جميعا وهو «الهيبة» للدولة التي تخلق جوا مؤسساتيا ينتظم فيه الناس تحت نطاق القانون.
وهنا أستطيع أن أقول لصديقي السعودي العزيز عندما أراه في الكويت مجددا.. أهلا بك في الكويت الجديدة المتزينة بهيبة القانون وتطبيقه على أرض الواقع والابتعاد عن السلبية دون تجاوزات، حيث لا تتداخل المناطق السكنية والاستثمارية مع بعضها البعض لأن هناك من تساهل وغض الطرف.