منذ أن كنا صغارا ونحن معجبون ببلدكم «أميركا» كانوا يدرسوننا معالمها المبهرة: ناطحات السحاب، وفيها مقر الأمم المتحدة، وصناعة السيارات الراقية في ديترويت، والسينما العملاقة في هوليوود من الكاوبوي في فيافي الأرياف إلى حرب النجوم في عنان السماء إلى الفك المفترس في أعماق البحار! و«نيل أرمسترونغ» الأميركي وهو أول شخص يمشي على سطح القمر، وما زالت أميركا قبلة السياحة وبلد اكتشاف الأدوية والأمصال قاهرة الأمراض العضال، بإذن الله، وجامعاتكم الأكاديمية العريقة حلم كل طالب، مثلما تفاخرون العالم بسفنكم الحربية العملاقة حاملات الطائرات، تجوبون المحيطات! ولا ننسى أبدا قيادتكم للتحالف الدولي لطرد قوات الرئيس العراقي المقبور صدام حسين من بلادنا 1990 لتعود الكويت حرة بإذن الله تعالى، وبلدنا لم يقصر في رضاكم.
تعجبنا تقاريركم السنوية عن الدعوة إلى إصلاح انتهاكات الحريات الدينية، وحقوق الإنسان في الرأي والموقف السياسي، في مختلف بلدان العالم وهو الوجه الجميل لبلدكم العظيم.. والكلام يطول في هذا الجانب.
لكن للأسف لا تضاهي إنجازاتكم المذهلة تلك، بعض شؤونكم الداخلية والخارجية! فتاريخكم العنصري يشهد على إبادتكم للهنود الحمر أصحاب الأرض الأميركية، مثلما تدعمون الكيان الإسرائيلي غاصب الأرض الفلسطينية المقدسة وقتلة شعبها المظلوم، وتضغطون لتسويق التطبيع معها رغم انف الشعوب العربية والإسلامية الأبية، ونسب الجرائم الشخصية المسلحة عندكم عالية، وما زالت آثار التفرقة بين الإنسان الأسود وأخيه الأبيض! والمخجل أن التخريب الأخلاقي الإباحي نزل عندكم إلى الحضيض بالعلاقات الزوجية الآدمية إلى أسفل السافلين.
وما أسرع تناقضكم! في تدخلكم الواسع في الشؤون الداخلية لبلدان العالم، لديكم أدوات الضغط تحت تهديد السيف، وإغراء المنسف، تألبون الشعوب بعضها ضد بعض داخل الوطن الواحد، وتستفزون السلطات الأمنية والمدنية لتجريد مواطنيها من حقوقهم وحرياتهم المعارضة لسياساتكم، ومصادرة حقهم في أموالهم لدعم العمل الخيري الإنساني لإطعام الفقراء واليتامى للشعوب المحتاجة، إلا طبقا لمعايير رضاكم عنهم، تحت مبررات الاتهام بدعم الإرهاب، والذي أصبح وسيلة لوصم كل لاسترجاع حق شريف مسلوب ليس لكم فيه مصلحة، وسبة للشرفاء غير المتعاونين معكم! فأنتم سبب لتفشي الحروب والاقتتال، لزيادة مبيعاتكم العسكرية لنهب أموال تنمية الشعوب، وسلب استقلالية بلدان العالم في سياساتها الداخلية والخارجية.
صدقني صديقي ديفيد، إننا نحبكم كشعب مبدع ونشط، لكن أعمال حكوماتكم ومواقفها غير العادلة والكريهة تثير الاشمئزاز للوجود الأميركي وتثير الريبة.
أنتم بلد تزعمون الديموقراطية فأرجوكم، أحسنوا الاختيار! وتذكروا أن للحضارات أعمارا، تسود ثم تبيد، إلا من اعتصم بالله تعالى.
مع تحياتي لك، ولشعبكم الأميركي العظيم.
[email protected]