ستعقد بعد أيام في جنيف دورة خاصة لجمعية الصحة العالمية وموضوع الدورة هو إصدار اتفاقية دولية جديدة أو صك دولي لمجابهة الأوبئة والجوائح وحفظ الأمن الصحي العالمي، علما أنه في تاريخ المنظمة لم تعقد من قبل سوى دورتين خاصتين فقط.
وبالاستفادة من جائحة كورونا وما شهده العالم خلالها من إجراءات متباينة ولم تتفق كثيرا مع الصك الدولي الحالي وهو اللوائح الصحية الدولية 2005 والتي لم ينفذ الكثير منها على ما ينبغي خلال كورونا فأصبحت الإجراءات في العالم دون تنسيق.
ويبدو أن اجتماع المنظمة الطارئ خطوة مهمة لمراجعة ما تم والتوافق حول الصك الدولي الجديد الذي اقتربت خطوات إصداره دوليا ولن يكون إصدار الصك هو نهاية الطريق بل يجب أن يتحول إلى تشريع وطني ضمن التشريعات الوطنية بكل دولة فضلا عن التزام الدول أمام المجتمع الدولي بتنفيذ الاتفاقية الدولية بكل أجهزتها وليس في وزارة الصحة فقط.
ومن هنا فإن مثل تلك المعاهدات والاتفاقيات الدولية يجب أن تخضع للدراسة من جانب المتخصصين ومن جانب وزارة الخارجية قبل الموافقة والتصديق عليها وإصدار التشريعات الوطنية المناسبة ويجب دراسة وتحليل مثل تلك الاتفاقيات ومعرفة التزامات الدولة قبل المصادقة عليها والاستعداد لها بالالتزامات المالية والقانونية والفنية والشفافية الكاملة في نشر تقارير مدى الالتزام بها على الملأ في مواقع المنظمات الدولية سواء كمؤشرات من الدولة أو تقارير من خبراء أو من يتم اختيارهم كضباط اتصال مع المنظمات الدولية في جميع المجالات حيث ان اختيار ضباط الاتصال ومتابعة مهامهم ومشاركاتهم بالمهمات الدولية ليس بالأمر الإداري السهل لحضور الاجتماعات الدولية فقط ولكنه يحمل الكثير من التحديات سواء في الاستعداد للمهمة والإلمام بها وبأبعادها وتداعياتها أو الالتزامات المترتبة عليها على الدولة وفي كثير من الأحيان حيث انه عندما يكون ضابط الاتصال غير مناسب للمهمة فذلك يؤدي إلى العديد من السلبيات ويؤثر على مكانة الدولة في المجتمع الدولي وأحيانا يتم عدم نقل الحقائق كاملة وبدقة وعدم شمول التقارير الدولية على أكثر من أسماء المشاركين في الاجتماعات سواء حضروا جانبا من الاجتماعات أو لم يحضروا واكتفوا بالقيام بمهمة السفر مع المخصصات أو قدموا تقريرا عنها وكل ذلك يجب ألا يغيب عن متخذي القرارات في أي تخصص لأن الالتزامات تتعلق بالدولة ككل ولا تتعلق بقسم أو إدارة معينة كما يعتقد البعض.
وعودة إلى الصك الجديد الذي يجري التشاور على إصداره من منظمة الصحة العالمية بعد الاجتماع الاستثنائي الثاني الذي سيعقد خلال الأيام المقبلة فقد أثبتت جائحة كورونا أن مثل هذا الصك سيتضمن التزامات الدولة ككل وقد تتعلق بقرارات حرية التنقل والعلاقات التجارية والشفافية في نقل المعلومات وحرية تبادل المعلومات أولا بأول والانفتاح الكامل على المنظمات الدولية بعيدا عن أي حساسيات قد يتم التعامل معها وفقا لمقتضيات الأمن الصحي وضروراته.