استأنفت المحادثات الدولية بشأن البرنامج النووي الإيراني في فيينا أمس بعد خمسة أشهر من تعليقها، ولكن في ظل أجواء متوترة وآمال ضئيلة بتحقيق انفراجة كبيرة لإعادة إحياء الاتفاق النووي المبرم في عام 2015، فيما أكدت طهران أنها مصممة على التوصل إلى اتفاق. وحسب مصادر ديبلوماسية، انطلقت المحادثات في فندق باليه كوبرغ بالعاصمة النمساوية، حيث تم إبرام الاتفاق النووي الاصلي. وبالإضافة إلى إيران، يشارك في المحادثات ديبلوماسيون من كل من: المملكة المتحدة والصين وألمانيا وروسيا وفرنسا، أما الولايات المتحدة فتشارك بشكل غير مباشر. وبالتزامن مع استئناف المحادثات، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده إن إيران «مصممة بشدة» على التوصل إلى اتفاق مع المجتمع الدولي حول برنامجها النووي خلال هذه المحادثات.
واضاف خطيب زاده أن «مدة المفاوضات النووية غير معروفة ولا نريدها أن تصل لطريق مسدود»، لافتا إلى أن «المحادثات النووية قد تسير في طريق صحيح لرفع العقوبات إذا كانت الأطراف الأخرى جادة».
وتابع «لو جاءت أميركا إلى فيينا من أجل رفع الحظر بصورة حقيقية فبإمكانها الحصول على بطاقة العودة إلى الاتفاق النووي»، مردفا «نقول للأميركيين في بداية المفاوضات إن الحكومة الإيرانية الجديدة تدخل المفاوضات بنوايا حسنة وإرادة صادقة ونوصيهم باغتنام هذه الفرصة لأن نافذة الفرص هذه لن تبقى مفتوحة إلى الأبد»، مستبعدا إمكانية عقد لقاء مباشر بين مسؤولين إيرانيين وأميركيين في فيينا، وفقا لوكالة «فارس» للأنباء.
من جهة اخرى، قال زاده إن «مسايرة وزيرة الخارجية البريطانية في ليلة محادثات فيينا للطرف الذي بذل كل جهده منذ اليوم الأول لعرقلة التوقيع على الاتفاق النووي وتقويضه ولايزال يمثل المعارض الرئيسي للمحادثات وإحياء الاتفاق النووي، تظهر أن بعض الدول الأوروبية لا تفتقر إلى الإرادة اللازمة في محادثات إلغاء العقوبات في فيينا فحسب، بل تسعى لإطالة أمد المحادثات بهدف منع تنفيذ الاتفاق النووي».
وكانت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس ونظيرها الإسرائيلي يائير لابيد كتبا في مقال مشترك بصحيفة «تليغراف» أول من أمس إن بريطانيا وإسرائيل «ستعملان ليلا ونهارا» للحيلولة دون أن تصبح إيران قوة نووية.
من جهته، قال كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي باقري كني في عمود في صحيفة «فاينانشال تايمز» أول من أمس «لضمان أن تكون أي اتفاقية مقبلة صارمة، يجب على الغرب أن يدفع ثمنا لفشله في الحفاظ على الجزء الخاص به في الاتفاق. كما هو الحال في أي عمل تجاري، فإن الاتفاق هو اتفاق ولمخالفته عواقب».
في المقابل، قال المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران روبرت مالي قبل قدومه إلى فيينا إن موقف طهران «لا يبشر بالخير بالنسبة إلى المحادثات».
وأضاف مالي في تصريح أدلى به لإذاعة «ناشونال بابلك راديو» الأميركية «إذا كانوا ماضين في تسريع وتيرة برنامجهم النووي فلن نقف مكتوفي الأيدي».
وتعليقا على اجواء المحادثات الراهنة، قال هنري روم المتخصص في الشؤون الإيرانية في مجموعة «أوراسيا» إن «عدم استعداد إيران للتوصل إلى حل وسط مباشر نسبيا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية يلقي بظلاله على المحادثات النووية المستقبلية».
وأضاف «قد تعتقد إيران أن تقدمها النووي غير المقيد سيمارس ضغوطا إضافية على الغرب من أجل تقديم تنازلات خلال المحادثات»، مشيرا إلى أن ذلك «سيكون له على الأرجح تأثير معاكس».
وقالت كيلسي دافنبورت الخبيرة في جمعية «آرمز كونترول أسوسييشن» للحد من الأسلحة إن «إيران تتصرف كما لو أن واشنطن ستستسلم أولا، لكن هذا الضغط سيف ذو حدين» إذ قد يقضي على أي أمل في إحياء اتفاق 2015.