تعتبر الرعاية الصحية سلعة تقدم في صورة خدمات للمستهلك وقد تتنوع ما بين تشخيص أو علاج أو تأهيل أو رسالة توعية ومن حق المتلقي أن يحصل عليها بجودة عالية وتوافق حقوقه سواء كانت مدفوعة الأجر من جيبه الخاص أو من الدولة أو من شركات التأمين أو من أي مصدر آخر للتمويل.
وبالرغم من أن خدمة تقديم الرعاية الصحية هي خدمة معقدة وليست سهلة فإن حق المستهلك يجب أن يراعى عند التخطيط وتقديم الخدمة سهولة تقديمها واحترام المستهلك والتكلفة غير المبالغ بها إلى جانب مراعاة آراء واتجاهات المستفيدين من آن لآخر وهو ما يعرف بإجراء استبيانات استطلاع الرأي والتعرف على ملاحظات وآراء المستفيدين في جميع خطوات تقديم الرعاية الصحية لأن هذا المؤشر يعكس قدرة إدارة المرفق الصحي على الارتقاء المستمر بالخدمة ومراعاة توافقها مع تطلعات واحتياجات المستفيدين منها.
وإن أي مرفق صحي يجب أن يحرص على الاستفادة من نتائج استطلاعات رأي المستفيدين لتطوير إجراءات تقديم الخدمة بشرط أن يتم هذا الاستطلاع بصورة علمية وموضوعية ومحايدة. ويجب أن تكون الخدمة الصحية المقدمة تحرص على حقوق المستهلكين وتهتم برصد آرائهم ومقترحاتهم أولا بأول من خلال منظومة علمية وموضوعية محايدة ومستقلة عن الإدارة ويجب الاستفادة بكل شفافية ومهنية من نتائج تلك الاستطلاعات لمعرفة رأي المستهلك للخدمة الصحية ومدى حرص مقدم الخدمة على حقوق المستهلك وهو ما يكون مردوده على تحقيق الأهداف والنتائج المرجوة للارتقاء بالصحة والتمتع بالعافية الكاملة وهي مصلحة الوطن والمواطن وتقديم الخدمة التي يجب أن تكون ضمن سياق حقوق المستهلك في جميع الأحوال.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل بالفعل يعامل المستفيد من الخدمة الصحية معاملة صاحب الحق مثل أي مستهلك يحصل على سلعة وهل سلعة الخدمات الصحية بالرغم من كونها سلعة معقدة تستحق أن تخضع للمراقبة والمتابعة ضمن إطار حقوق المستهلك، وهل هذا ما يتم بالفعل أم أنه فقط عند وجود أي شكوى؟
وفي هذه الحالة يكون التصرف رد فعل وليس ابتكارا واهتماما بحق المستهلك الذي يطمع في خدمة أفضل وقد يكون الثمن باهظا لأن السلعة أو الخدمة تتعلق بالصحة وهي أغلى ما يملك وتستحق التميز والإبداع في تقديمها كسلعة خدمية من خلال منظومة معقدة ولكن يستحقها المستهلك. فمتى نرى ما نحلم به من خلال التطوير في فلسفة ورؤية وسياسات الرعاية الصحية ومراعاة حقوق المستهلك لأغلى سلعة وهي الصحة والعافية؟!