نخضع في حياتنا اليومية لكمّ هائل من المؤثرات التي تقلص خياراتنا وتسوقنا لنتخذ قراراتنا الخاصة وفق ما يحدده من يمسك بخيوط اللعبة كوسائل التواصل الاجتماعي والمؤثرين وثعالب السياسة ونجوم الفن والرياضة والأهل والأصدقاء، وغدت كلمات مثل «حرية» و«خيارات» و«انتقاء» توحي بقوة الاحتمالات وامتلاك زمام القوة، غير أن الخيارات اللامحدودة تثير القلق كالغيوم الملبدة التي تشوش الرؤية وتربك عملية اتخاذ القرار، وكما يقول المثل الكويتي «تبي تحيره خيره».
أصبحت لعبة السيطرة على الأوراق والتحكم في خيارات الآخرين لها إستراتيجياتها في علم القوة والنفوذ، فالأسلوب الأمثل لدى عراب السياسة الأميركية هنري كيسنغر يتمثل في طرح ثلاثة خيارات لكل موقف، ويقوم بتزيين الخيار المفضل لديه مقارنة بالبدائل، فيدفع الطرف الآخر بهدوء نحو ما يريد، وكما قيل «إذا استطعت أن تجعل الطير يدخل القفص من تلقاء نفسه فسيكون غناؤه أفضل من المعتاد».
الدكتور ميلتون إريكسون كان يعالج مرضاه نفسيا ثم ينتكسون بعد أن يقطعوا شوطا في التحسن، لأن استجابتهم الظاهرية للعلاج تخفي مقاومة عميقة ليعتقد مرضاه بأنه فشل في علاجهم، فيواجه هذا اللوم بأن يأمر مرضاه بأن ينتكسوا ويعودوا إلى المربع الأول أثناء فترة العلاج فيختار مرضاه العكس لتجنب الانتكاس، وهو ما يريده إريكسون مستخدما طريقة الإرغام ضد المقاومة.
كذلك حاول جون روكفلر احتكار النفط فعمدت الشركات الصغيرة على مقاومته، فغير ميدان اللعب وبدأ سرا بشراء شركات سكك الحديد التي كانت تنقل النفط، فكان خيار إيقاف الشحنات ورفع أجور شحن النفط وتدمير تجارتهم ورقة ضغط وخيارا يملكه ضد الشركات.
القائد الإسلامي طارق بن زياد يقلص الخيارات أمام جيشه فيضعهم أمام خيارين ويصنع لهم تحديا بقوله «العدو أمامكم والبحر من ورائكم» يدفعهم دفعا لخيار النصر، والمحامي أيضا يستدرج الشاهد للبت في تفسيرين محتملين لواقعة ما، بحيث يؤدي التفسيران إلى فتح ثغرة في روايته.
مهم جدا أن نحيط بهذه المؤثرات التي تدفعنا لاتخاذ قرارات وفق خيارات مرسومة من قبل الآخرين، فلك السيادة الكاملة على قرارتك وخياراتك، فلا تسمح لأحد بأن يثنيك عن أهدافك ويرسم لك طريقا مغايرا لقناعاتك وطموحاتك.
Al_kandri@