ارتبط برنامج عافية بالرعاية الصحية للمتقاعدين الكويتيين بموجب القانون وكهدية من الدولة لمواطنيها لصون حقوقهم بالصحة والرفاهية، وقد تركت الدولة إدارة المشروع ماليا وإداريا وفنيا إلى وزارة الصحة المثقلة بالهموم والتراكمات، والتي تفتقر إلى الخبرات التأمينية وتقوم بدور الوسيط بين شركة التأمين والعيادات والمستشفيات المتعاقدة معها في القطاع الطبي الأهلي.
وبينما كلمة «عافية» لا تعني بالضرورة خدمات علاجية، لأن الصحة أشمل بكثير من مجرد العلاج عند المرض فقد كنت أعتقد أن برنامج عافية يتضمن خدمات وبرامج ما قبل المرض وهي الفحوصات الدورية للاكتشاف المبكر للأمراض قبل حدوثها ومن ثم تقديم الرعاية لمنع حدوث تلك الأمراض مثل الفحوصات المبكرة لسرطان الثدي والقولون والمستقيم وفحص عنق الرحم وغيرها من الفحوصات الوقائية قبل حدوث الأمراض والتي تطبقها دول كثيرة من خلال البرامج الوطنية الشاملة التي يخطط لها جيدا وتنفذ بأسلوب علمي وهي برامج لتعزيز الصحة وللوقاية من الأمراض، حيث إن الوقاية قد تكلف القليل عما إذا حدثت هذه الأمراض فتكون تكلفة العلاج أعلى بكثير.
الآن، وبعد عدة سنوات من تطبيق مشروع عافية للتأمين الصحي، أعتقد أن هناك ضرورة لإعادة تقييم البرنامج وخدماته ومدى تحقيق أهداف الصحة بمفهومها الشامل ومدى تقدم إنجازات ومؤشرات الصحة بين كبار السن إن كان لدى المشروع رؤية ورسالة واضحة.
أما أن يترك المشروع كما هو ومن دون مراجعة وتدقيق خاصة أنه مشروع تأمين صحي فلابد من وجود قاعدة بيانات محدثة عن مؤشرات صحة كبار السن، فهي تعتبر الأساس لبناء رعاية صحية لجميع كبار السن وانطلاق مبادرات وأفكار جديدة تدعم صحة كبار السن وتعيد لهم عافيتهم وصحتهم، وأن تنطلق دراسات حديثة عن صحتهم والعلاج والوقاية.
إن تطوير برنامج «عافية» يجب أن تشترك فيه التأمينات الاجتماعية والصحة والمالية وجمعيات النفع العام ذات الصلة بالصحة، وأن تتم الاستعانة بآراء المستفيدين من البرنامج من كبار السن الذين قد لا تتوافر أي بيانات عن المؤشرات الصحية الخاصة بهم لأسباب عديدة.