- روح التشاؤم صارت تسيطر على كثيرين لا يرون في الحياة إلا الجانب المظلم رغم أن هناك طريقاً واضحاً ينظر سالكوه إلى المستقبل بنظرة تفاؤل وأمل
- «ماكو فايدة».. نهج تشاؤمي لا يعلم معتنقوه أنهم ينسحبون من الحياة ويعيشون في ضيق من أمرهم لأنهم بلا رؤية بالحاضر أو المستقبل
- واجبنا صدّ المتشائمين عن بث سمومـهم بيـن الناس والتـأثير فـي النفوس ليضيـعوا عليهم حياتهم وينشروا اليأس ويخيبوا الرجاء
- المتشائم لا يرى في أي شيء يحدث مصلحة بل مضرة قادمة وعلينا تجنب الاستماع إليه والإصغاء لقوله مهما جادل ورفع صوته
- القرآن أمرنا بالصبر واتباع الحق وعدم الحديث فيما لا علم لنا به وأكد لنا أن الجدال والمراء خصلتان مكروهتان تهدمان العلاقات الإنسانية
- ليس مقصودنا النهي عن النقد البناء وطلب البعد عن الخطأ مع اقتراح البديل لكن ما يعاب هو التشاؤم واليأس والقنوط
- وطننا في تقدم ويواصل المسير نحو الأفضل وإن كان هناك بعض القصور وعلينا أن نطلب الأمل ونترقب النجاح ونتعاون في التناصح وروح المودة
بقلم: د.يعقوب يوسف الغنيم
من المعروف في اللغة العربية أن الشؤم عكس اليُمن، وان اليُمن هو: البركة. وأن المتشائم عند العرب القدماء هو عكس المتفائل.
وقل من الناس من لا يخطر بباله أن يتفاءل بشيء أو يتشاءم من آخر، ولكن ما نقصده هنا هو نوع من المرض النفسي يكتسبه المرء فيؤثر فيه بما تظلم له حياته، ويؤثر في الناس بما ينشره بينهم من أقوال تثبط الهمم وتضيق بها النفوس.
تسيطر على أذهان بعض الناس أفكار تشاؤمية ثقيلة الوطأة، تعكر الحياة، وتملؤها شعورا بالضيق حتى يبقى الواحد من المتشائمين، وكأنه يعيش في الدنيا بمفرده يحس بما لا يحس به غيره، وتسيطر عليه آراء ظلامية تكدر حياته، والأهم من ذلك إذا انتقل بحالته التشاؤمية هذه الى نطاق أوسع فقابل الحياة في مجتمعه بهذه الروح، أو نظر الى ما يجري في وطنه بمنظار أسود، فإن الكدر يزداد في باله، وإذا تحدث في مجلس فيه من اعتاد الجلوس معهم فذكر الاشياء التي يتشاءم منها، كان ذلك إشاعة للقلق بين الناس، وعرقلة لمسيرة الحياة.
ومما يؤسف له أن هذه الروح صارت تسيطر على كثيرين، مع أن وتيرة الحياة هنا تسير على طريق واضح ينظر سالكوه الى المستقبل بنظرة تفاؤل وأمل، ولكن النوع المتشائم من الناس لا يرى من الحياة إلا الجانب المظلم، ولا يتيح لنفسه فرصة للتفاؤل.
ولا شك في أن هذه الصفة تحمل في طياتها دواعي الجمود، والتخلف، وتوقف عجلة التقدم التي يحرص أبناء البلاد جميعهم على أن تكون دائبة في سيرها لأن الأمل عندهم قائم لا يتزعزع في أن هذا الوطن الذي سار في تقدم مستمر منذ سنة 1613م، وتجاوز المحن ومشكلات الحياة، ووجد الحلول لكل ما يقف في طريقه، وطن لن يتراجع عما هو عليه، وسيكون موضع رجائنا، ومحط آمالنا.
يجلس الواحد من هؤلاء المتشائمين مع صحبه، فإذا سمع من أحدهم حديثا عن قرار حكومي جديد وعن مشروع من المشروعات المبشرة بالخير نطق بالكلمة المعهودة التي يرددها أمثاله:
- ماكو فايدة.
ويقال له: لماذا فلا يستطيع أن يستحضر جوابا شافيا، لأنه لا يملك هذا الجواب، ولا يعرف السبب الذي دعاه الى التلفظ بما قال. ولم يدفعه الى ذلك إلا الروح التشاؤمية التي تسيطر عليه، وتعمي عينيه عن كل جميل يراه غيره. بل إنه لا يجد أملا ولو ضئيلا يثير هذه الحياة، فقد اختزل آراءه في هذا الشأن بكلمتين هما: ماكو فايدة.
ومما يشغل بالنا ان هذا النوع من الناس في تزايد مستمر، وهم لا يعلمون انهم بهذا ينسحبون من الحياة، ويعيشون في ضيق من أمرهم، لأنهم اناس بلا امل ولا نظرة تفاؤل لهم في المستقبل ولا في الحاضر.
ولن ننعم بالهدوء أو الاستقرار، ولن نسير في طريق التقدم ما لم ينته المتشائمون عن تشاؤمهم، لأنهم في نشرهم الاعتراضات التي لا تنبني على حقائق بقدر ما تنبني على أغراض خاصة بهم، وربما على أحقاد دفينة لا ندري لها سببا.
ولذا فإن من واجبهم الكف عن هذا السلوك المشين، ومن أجل هذا فإن من واجبنا عدم إتاحة الفرص لهم حتى لا يبثوا سموهم بين الناس، ويؤثروا في النفوس فيحيلوها إلى نفوس تضيق بالحياة كلها فيفقدوها بذلك الأمل بعد أن يطفئ هؤلاء المراجعون جذوته، وبذلك يدب اليأس ويخيب الرجاء.
قد يكون المتشائمون الذين نشير اليها هنا مرضى. تسيطر عليهم أوهام ليست لهم مقدرة على كبحها، ولكن دور المستمعين هو أنهم إن لم يقدروا على توجيههم أن يمتنعوا عن السماع لهم بإسكاتهم بأي صورة تكون.
أنا من جانبي استمع ـ بالمصادفة ـ الى بعض ما يقولونه، ويؤلمني وصولهم الى هذا الدرك الأسفل من فهم الحياة وما يجري من أعمال في هذا الوطن الذي نحبه، ونتمنى له الرقي الدائم، وقد استمعت في جلسة واحدة الى اثنين يؤيد أحدهما الآخر في أسلوب التشاؤم.
ويقول أحدهم للآخر: أسمعت بالقرار الحكومي الأخير؟ فيرد عليه صاحبه قائلا: أنا أعرف ما تريده، هذا قرار لن ينفذ وإذا نفذ فهو لمصلحة ناس معينين، ألم تر أننا لم نجد قرارا نافعا واحدا منذ زمن طويل وأن أي قرار فيه نفع عام فإنه سرعان ما يوقف وكأنه لم يكن؟
هذا الرد التشائمي، له في ذهن السائل مقام محمود، فهو مع المجيب في محيط واحد، وعندما ينتهي الجواب، يرد عليه قائلا:
ـ إيه ـ مثلما قلت ـ إحنا رايحين، ماكو عندنا شي عدل.
وبالطبع، فإن هذا الرد يحتوي على قدر كبير من التشاؤم بل إنه قد يدل على مرض نفسي يسيطر على هذا المتحدث فيجعله لا ينظر الى الأمور على حقيقتها، بل وفق ما يتخيل لأنه يظن ان وراء كل قرار هدفا غامضا، وأن هذا الهدف ضار بمستقبل البلاد، ولذا كان المجيب يقول: احنا رايحين.
ومن سوء حظي انني استمعت الى آخر تبين لي بعد أن انتهى من حديثه انه على التشاؤم يسير، وكان الجالسون يستمعون إلى شخص آخر يتحدث عن قرار فيه مصلحة للمواطنين، وقد أثنى كل من استمع اليه على هذا القرار الذي اعتبره صائبا ماعدا صاحبنا المتشائم فإنه قال:
هل صدقتم أن مصلحة المواطن هي المقصودة بهذا القرار؟ إنه قرار فصل على أناس معينين يريدون إفادتهم، وسترون ذلك عند تطبيقه.
ولقد ثار عليه الحاضرون وقالوا له:
ـ هل أنت تنظر الى الغيب؟ أم أنك عارف بنوايا متخذي القرار؟
ولكنه رد عليهم بأسلوب أمثاله:
ـ هذا رأيي. وسوف ترون. إحنا رايحين يا جماعة.
هذا وكأن المتشائمين قد اتفقوا على قول واحد. فهم يرون المستقبل ـ دائما ـ مظلما، ويفقدون الامل في التقدم والرقي، بل هم يسيئون الظن في كل قرار يتخذ، وكانت هذه القرارات قد اتخذت في بلاد أخرى غير بلادنا ثم فرضت علينا فهي ـ دائما ـ في موضع شك. ويجب أخذ الحذر حتى لا نتكرر.
ما أصعب أن يرى الإنسان نفسه في هذا الموقف، وذلك بأن يكون متشائما يؤلمه كل شيء يحدث، لأنه لا يرى في ذلك مصلحة بل مضرة قادمة، أو يكون مستمعا يعرف أن المتحدث بصيغة الرفض الدائم مريض لا علاج له، ومع ذلك فهو يفرض نفسه على الناس ويتصدر للحديث في المجالس، فيحرج المستمعين، ويؤلم بقوله أبناء الوطن، فهو بما يقول معاد لكل شيء جميل فيه.
بل إنه ليظن نفسه هو المسؤول دون كل الناس عن كل ما يجري أو ما يتخيل أن يحدث، ولذلك فهو يدس أنفه في كل صغيرة وكبيرة، ويا ليته ينهج منهج الحق، ولكنه يسير وفق خيال سقيم يهديه إليه تشاؤمه الذي يسيطر عليه فيجعله لا يرى إلا أمورا مظلمة لا حل لها ولا يمكن أن يطرأ عليها أي نوع من أنواع الإصلاح الذي يزيل عنها ظلامها، وهو يهذر بما يقوله بين الناس ولا يهمه إن لم يجد واحدا من المستمعين إليه يوافقه على طرحه، لأن الأمر ـ كما رأينا ـ متمكن في عقله، وفي قلبه، فالحالة سيئة وقانا الله شرها.
والنظرة التشاؤمية الى ما يجري في الحياة العامة لها آثارها السلبية على الأفراد والجماعات، وهي أشد خطرا حين يفقد المتشائم ثقته بوطنه فيخرج عن دائرة الضيق إلى دائرة مظلمة مؤثرة على كل من يختلط به من مواطنيه، ويعرقل مسيرة البلاد، وربما أثر في العاملين الذين يؤدون الأعمال العامة التي تنفع الوطن وأهله، وتدفع الى التقدم والرقي، وتكسب الناس الراحة والطمأنينة الى المستقبل.
ومن هنا فإن هذه النظرة إذا وصلت بصاحبها إلى هذا الحد الخطر الذي وصفناه، فإنها تصبح صادرة من مريض، لا يستطيع الأفراد علاجه، ولكن دورهم يأتي في تجنب الاستماع اليه حتى يرى نفسه منعزلا عن الناس لا أحد يحفل بما يقول مهما جادل ورفع صوته بالتعبير عن تشاؤمه.
ولئن كنا قد ضربنا الأمثال بما هو جار عما يقوله المتشائمون، فإن التشاؤم موجود في كل أنحاء الدنيا، وقد جاءت عنه كتابات كثيرة شارك فيها عدد من كبار الفلاسفة، لأن هؤلاء نظروا الى الأمر وكأنهم ينظرون إلى حالة بشرية قائمة ولابد من وجودها لدى عدد من الأفراد، ومما يؤكد ذلك تبني عدد من الادباء فكر التشاؤم، وذلك بالكتابة عن هذه الحالة السيئة من حالات الإنسان، ومن هؤلاء الكاتب الفرنسي الشهير فرانسوا فولتير (1694م ـ 1778م) وهو فيلسوف ومفكر فرنسي، عاش حر الرأي، معبرا عن كل ما يعنّ له، ونال حظوة كبيرة في وطنه، ولكن ذلك صار له بعد ان تلقى عديدا من المتاعب حتى لقد هاجر الى بريطانيا وأمضى فيها زمنا حتى يكون بعيدا عن أجواء الضغط في فرنسا.
طبعت أعماله الكاملة في سبعين مجلدا، وترجمت الى العربية روايته الفلسفية كانديد.
وعلى الرغم من روح التشاؤم التي سيطرت على هذا الفيلسوف، فإن ذلك قد يعزى الى طبيعة الحياة القاسية التي عانى فيها كثيرا من المشكلات ولكن هناك فلاسفة غيره قد تشربت نفوسهم فكرة التشاؤم، ولم يعرفوا إلا بها، حتى لقد صدرت من بعضهم عبارات صادمة، كان منها:
ـ الوقت عبارة عن عبء.
ـ مسار التاريخ مثير للسخرية.
ـ الحرية والسعادة غير متوافقين.
ـ الوجود البشري سخيف.
.. هكذا قالوا وهكذا كرروا القول.
المجاهر بآرائه المتشائمة إذا لم يكن يعاني مرضا نفسيا كما نظن، فهو يحس في نفسه أنه الأفضل، والأدرى بكل الأمور، وأن رأيه هو الرأي المصيب، ولذا فإنه يطلق لنفسه العنان بالحديث دون أن يتبصر أو يتأكد أو تكون عنده خلفية من معرفة بالأمور التي يتحدث عنها بل تأخذه الخيلاء ويسيطر عليه الإعجاب بنفسه عندما يجد جمعا من الناس يستمعون إليه وينصتون إذا تحدث.
ومادري أن إنصاتهم ناتج عن معرفتهم بحاله، ورفضهم لأقواله.
ولو رجع الى نفسه بل الى دينه، لوجد في كتاب الله ما يهديه إلى سواء السبيل، فالقرآن الكريم أمرنا باتباع الحق، وأمرنا بالصبر وأمرنا ألا يتحدث أحدنا بما لا علم له به، ونهانا عن التحدث بالباطل عند مناقشة مسألة من المسائل العامة.
ـ نقرأ في كتاب الله عز وجل سورة العصر:
(والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر).
أمرنا بأن يوصي أحدنا الآخر بالصبر وباتباع الحق حيث دار، ولكن الأنواع البشرية المتشائمة تشاؤما راسخا في نفوسنا، لا تعرف سبيلا إلى الحق، ولا إلى الصبر، ولكنها تعتد بما تقول، وتبعد الصبر جانبا، بل ان الواحد منهم ليظن ان كلمته هي الاولى والاخيرة.
وفي الآيتين الكريمتين (3 و4) من سورة الحج يقول الله سبحانه وتعالى لعباده:
(ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد كتب عليه انه من تولاه فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير).
وسيقول صاحبنا انا لم اجادل في الدين، ولا في الخالق عزّ وجلّ، ولكنني اتكلم عن امور تحدث بيننا، وهذا يرد عليه بأن المجادلة بغير علم بموجب الآية الكريمة رقم 3 امر ممقوت ولا يؤدي إلى خير. والله سبحانه وتعالى نبهنا إلى ذلك لكي نوقف المجادلين عند حدهم.
وهذا الذي اشرنا اليه في الاسطر التي مضت تؤكده الآيات رقم 8 و9 و10 من سورة الحج، وهي قوله تعالى:
(ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد).
والتأكيد في هذه الآية على خطأ المجادلين، وما سوف يلقونه في الآخرة من عذاب، يدلنا على ان الجدال في الامور التي لا شك فيها امر لا ينبغي ان يتخذه مسلم طريقا لعرض آرائه.
فإذا امتزج هذا بالتعبير عن تشاؤمه زاد الطين بلة، وأثار امورا ليس مدركا لها وليس هو مصلح الكون كما يظن في نفسه المختالة.
قد لا يكون في هاتين الآيتين ما يدل مباشرة على ان المقصود هو جدال الناس، ولكننا من واقع قراءات كتب السلف الصالح نعرف ان الجدال والمراء خصلتان مكروهتان تتسببان في هدم العلاقات الإنسانية، وتبذران الكراهية في النفوس، ولذا فإن النهي عنهما شامل للجميع، ولله المثل الأعلى في السماوات والأرض.
هذا، ومما يستغرب له ان الواحد من هؤلاء يدلي بما لديه من اقوال تدل على تشاؤمه وهو يضج بصراخ يسمع من مكان بعيد، وكأنه يعنف احدا امامه يراه يستحق التعنيف، وهذا ما يخالف ما امر الله به لمن هما افضل منه وهما النبيان موسى وهارون، فقد امرهما ان يخاطبا فرعون عندما ارسلهما اليه لكي يدعواه الى عبادته، ولكي يدع بني اسرائيل المقيمين في بلده فيخرجوا الى حال سبيلهم، فكان قول الله سبحانه وتعالى لهذين النبيين الكريمين كما جاء في سورة طه آية 43، 44:
(اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى).
فإذا كان الله عزّ وجلّ يطلب من رسوليه إلى ذلك الطاغية ان يتحدثا اليه باللين، وان يتجنبا العنف معه لعله يعود الى عقله فيتذكر ما هو فيه من ضلال، ويخشى عقاب خالقه.
فكيف يبتعد المتشائم عن هذا التوجيه الكريم، فيدلي بما يريد ان يدلي به بكل عنف، وبمزيد من الجعجعة، أليس في موقفه هذا ما يدل على انه بعيد عن الاستقرار النفسي، مخالف للسلوك السوي، مغلب لسوء الظن في كل ما يسمع ويرى؟
وهو فيما يفعل انما يكون ممن ينطبق عليهم قول الله تعالى:
(وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون).
(يخرصون: يكذبون، ولا يقولون الحقيقة).
ونعود - أخيرا - إلى اللغة العربية فنذكر قول صاحب لسان العرب الذي فحواه: «الشؤمُ عكس اليُمْنُ هو البركة، وظن الخير بالناس، يقال: هذا رجل يُتَيَمَّنُ برأيه، أي يُتَبَرَّك».
وليس المقصود مما تقدم النهي عن النقد البناء، وطلب البعد عن الاشارة الى الخطأ مع اقتراح البديل، فإن كان من يعمل عرضة الى الخطأ في بعض انتاجه، ولذلك فهو في حاجة الى من يدله على مواضع الخطأ وينصحه باتباع ما هو صحيح، وقديما قيل:
رحم الله من أهدى إليّ عيوبي. ولكن ما يعاب هنا اليأس والتشاؤم، والزعم بأنه لا فائدة ترجى من كل الاعمال الجارية هنا، وهذا هو ما يجب ان يرفض ويوقف كل من يتبناه ويهتف به في المجالس عند حده.
فوطننا والحمد لله سار في طريق التقدم منذ ان نشأ ولايزال يواصل المسير الى الافضل وإذا وجدنا نوعا من القصور فإن ذلك دليل على وجود عمل قائم ينتابه هذا القصور ويتمه الحرص على الاتقان، ويهدى الناصحون من ابناء الامة الى هذا الاتقان، وهذا ما نلاحظه في حياتنا وفي كل الاوطان.
ولكن ان يظن احدهم ان الحياة عندنا تسير في طريق وعر كله اخطاء وأنه لا امل في اصلاح ما وقع، مع يقينه بأن القادم سوف يكون الى الاسوأ فهذا الذي يظن ذلك مريض لا ينبغي ان يستمع اليه.
بل علينا ان نُغلب الامل، ونترقب النجاح ونترك التشاؤم، ونتعاون على خدمة وطننا بالعمل وبالتناصح وروح المودة.
كما ان علينا ان نكون متفائلين، وعلى ثقة من اننا اهل لهذا البلد نحبه ونحفظه بعد الله سبحانه وتعالى، وتمنع عنه كل ما يؤذيه ومن يؤذيه في الداخل والخارج معا.