الكويت تتأهب، المشهد السياسي لدينا يتأرجح، ما بين تشكيل حكومي والإعلان عن عدم رغبة التعاون مع الحكومة، الأسباب غامضة، والمحللون يرون تغييراً كبيراً في المشهد السياسي الكويتي، والسؤال: من سيغلب من؟
الكل كان يعتقد أن الأزمة بين السلطتين ستحل بعد عودة المهجّرين وها هم عادوا والكل يصرح بتجميد لجنة العفو التي استأنفت أعمالها قبل أن تتشكل الحكومة، والحكومة إلى اليوم لم تتشكل.
وقبل أن تتشكل الحكومة بدأ الصراخ، فالتحدي واضح والسبب الرئيسي كما يراه المحللون هو عدم التوسع في توزير النواب، وهذا هو الهدف الرئيسي الأول، والثاني هو قانون المسيء، فبالتأكيد بما أن الخطة الأولى والفوضى أتت مع الحكومة بنتيجة «العفو»، كما كانوا يرغبون، فقد بدأ العزف على الأمور والمطالب الأخرى، فإما التغول على السلطة التنفيذية مع إلغاء قانون المسيء، وإما الويل للحكومة مما هو قادم.
حقيقة، يرى معظم المحللين السياسيين أن كل ما يحدث مدبر ومخطط له وبتعليمات، البعض يعرف ولا يريد البوح والبعض لا يعرف ويريد أن يعرف إلا أن الأمر الذي أصبح من الضروري القيام به مع عدم رغبة النواب في التعاون مع الحكومة حتى أن البعض يريد ألا يحضر جلسة القسم، فنرى أن الحل الأمثل هو عدم تشكيل حكومة وحل مجلس الأمة مع الإعلان عن انتخابات جديدة ولكن انتخابات من نوع خاص.
فالدستور الكويتي كتب بعناية وذكاء شديد، بعض خبراء الكويت الدستوريين يعرفون تماما أن السلطة التنفيذية قادرة على حل مجلس الأمة دون تشكيل حكومي ودون قسم، أيضا كيف؟ الخبراء الدستوريون يعرفون كيف يتعاملون مع الدستور ويفندون بنوده.
ولكن الأهم من الإعلان عن عدم التعاون مع مجلس الأمة وحله هو تكييف آلية جديدة للانتخابات المقبلة، فسمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، أعطى الصوت الواحد وهو أفضل خيار حقيقة لمنع التكتلات النيابية التي تفرز حزبية غير مقبولة تؤثر على العمل الحكومي وتعرقله.
بيد أن ما لم يكمله سمو الأمير الراحل هو الدوائر الانتخابية، فهي على حالها لن تحقق أي إيجابيات وسيبقى المشهد السياسي على حاله.
نعتقد أن هناك حلولا بالنسبة إلينا لن نخبر عنها لأن هناك متخصصين في مثل هذه المسائل، فالدوائر الانتخابية لابد أن تتغير لتتغير معها عقلية الناخب، فما زالت النتائج طائفية وقبلية، إذن متى ستتغير عقلية الناخبين؟ ستتغير مع تغيير آلية الانتخابات برمتها.
الأمر الآخر الذي تعرفه الحكومة جيدا أن المسؤولية الكبرى تقع على مؤسسة حكومية لم يتجرأ نائب أن يأتي باسمها وهي المسؤولة الأولى عما يحدث في كل انتخابات وهي الهيئة العامة للمعلومات المدنية، فماذا يعني مئة وأكثر عناوينهم على منزل واحد؟ أين المسؤولون عن الهيئة العامة للمعلومات المدنية عن مثل هذه القضية؟ فالتركيبة السكانية للكويت اليوم ليست كما مضت، فالشعب اختلط ببعضه فلا توجد منطقة لطائفة أو قبيلة، بل خليط من المجتمع إلا أن المعضلة على حالها فتجد أن الدائرة الفلانية محسوبة على هذه القبيلة والدائرة الأخرى محسوبة على هذه الطائفة، فهل يعقل أنه منذ بدأت الانتخابات في عام 1962 إلى اليوم العنوانين لم تتغير؟ فبالتأكيد هناك خلل كبير ومن الضروري أن تحاسب هيئة المعلومات على هذا الأمر، فالتلاعب بالعناوين أضر بالمجتمع برمته وليس فقط في مسألة الانتخابات، بل إن العاملين في التنفيذ المدني والجنائي يعانون الأمرّين من هذا التلاعب ولنرى ما الذي سيحدث؟