كان المسمى القديم المتعارف عليه في اليابان للعبة الكاراتيه هو «التودي»، وهو مصطلح ينقسم إلى قسمين (تو) وهو الاسم القديم للصين و(دي) وتعني يد، وبعد أن ساءت العلاقات بين اليابان والصين في مطلع القرن الماضي، غير اليابانيون المسمى إلى كاراتيه، والتي تعني اليد الفارغة، ولا يحمل أي دلالة على مصدر اللعبة الأول وهو الصين، والتاريخ يذكر أن اللعبة لم تكن تحتوي على طبقات تفرق بين اللاعبين، ولكن اليابانيين أضافوا عليها ألوان الأحزمة حتى يتم التفريق على أساس مستوى اللاعبين، ولا يحصل اللاعب على لون حزام مختلف إلا بعد اجتيازه لاختبار يثبت فيه أحقيته في هذا المستوى.
تاريخ التفرقة على أساس المستوى المعرفي والخبرات باستخدام الألوان في اليابان يعود لأقدم من الكاراتيه بكثير، فكل الألعاب اليابانية تعتمد هذه الطريقة، وأول لعبة استخدمت هذه الطريقة هي لعبة الشوغي الشبيهة بلعبة الشطرنج لكنها أكبر ومعقدة أكثر، وبالعودة أكثر للتاريخ نجد أن كل هذه الألعاب أخذت هذه الطريقة من النظام الوظيفي في اليابان الذي وضعه الأمير شوتوكو عام 603م، والذي يقسم الكبار الموظفين إلى 12 مرتبة، لا يجتازها إلا بعد أن يأخذ الموظف وقتا محددا في عمله ومن ثم يتم اختباره، إذا تجاوزها يستطيع أن يترقى الى مرتبة أعلى في وظيفته، وكان الموظف عوضا عن أن يضع حزاما بلون مستواه كان يضع ريشة على رأسه، يختلف لونها حسب المرتبة، واستحدث الأمير هذا النظام بسبب حصول الكثير من المسؤولين على مرتبات لا يستحقونها بسبب المحسوبية أو التزلف للمسؤولين الأكبر، وهذا النظام أحدث ثورة إدارية تسببت في تطور اليابان حينها.
شوتوكو استورد هذا النظام من الصين التي كانت منذ القدم حضارة عريقة، فيها كل أدوات وسبل التطور، وساهمت مساهمات عظيمة في تطوير البشرية، كمثل اختراع الآلة الطابعة وقبلها صناعة الورق وغيرها من الاختراعات التي تشكل محورا مهما في التاريخ البشري، ولكن قبل أن تتطور الصين كانت عبارة عن شظايا دول تتحارب فيما بينها، إلى أن أتى كونفوشيوس وطلبته قبل الميلاد، وأرسوا نظام تمييز المسؤولين حسب الخبرة والمعرفة، عن طريق اختبار تضعه الدولة لتقييمهم، وحدث أن حصل أحد رعاة الخنازير الصينيين على منصب رئيس الوزراء بعد أن اجتاز الاختبارات، حينها نهضت الصين مرة أخرى واخترعت الاختراعات التي ذكرناها.
ونحن نعيش في القرن الواحد والعشرين، مازال النظام الفعلي لاختيار المسؤولين قائما على المحسوبية والمجاملات والترضيات، بينما لدينا أمم تجاوزت هذه المشاكل قبل الميلاد، ومن الغريب أن تكون بعض الألعاب التي وصلت لنا من ثقافات أخرى، تعتمد على جودة اللاعب، بينما ديوان الخدمة المدنية مازال لم يستطع أن يطبق نظاما واضحا فعالا على موظفيه.