منذ بدايات التعليم في الكويت نشأنا جميعا على احترام المعلم وتقديره وعلى عطائه المتفاني من أجل أبنائه الطلاب، والمعلم كالشمعة التي تفني وتتبدد من أجل أن تنير لنا الطريق، وحظي المعلم بكل تقدير واحترام بين الأسر جميعا وبين تلاميذه فتجده موقرا محترما، وكفاه فخرا قول المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ جابر الأحمد طيب الله ثراه «إنه ليشرفني أن أكون معلما فهذه مهنة الأنبياء والرسل».
ولكن هذه المهنة النبيلة لاقت من صنوف الإهانة والابتذال ما لم تلقه أي مهنة أخرى، فقد تفننت وسائل الإعلام في النيل من مكانة المعلم والهجوم عليه بشتى الصور، فأنتجت لنا أعمالا فنية تتناول المعلم وتصوره في صورة مبتذلة رخيصة، وأصبح المعلم لصيقا بالفقر والمهانة في مسرحيات ومسلسلات وأفلام كلها تعمل على محو صورة المعلم المثلى والانتقاص من قدره ومكانته والاستهزاء به، فلم يعد يكفي المعلم ما يعانيه في مهنته من تعب وعناء بل أصبح مادة للسخرية في كل محفل ومقام، فقيام بعض الطلاب وأولياء الأمور بالاعتداء على المعلمين لا ينبغي أن يمر مرور الكرام، ففيها تلخيص واف لما آل إليه حال المعلم ولابد من وقفة صادقة تعيد للمعلم هيبته المفقودة التي ضاعت بين أفراد المجتمع.
فالمعلم يفنى كالشمعة من أجل أن يعلم ويربي، فأجهزة الإعلام شريك مباشر في هذا الاعتداء، فمن تطاول على معلمه لا يستحق أن يكون منتسبا إلى طلاب الكويت ومدارسها، ولم تعرف الحضارات الإنسانية طريقا للتقدم إلا عن طريق العلم والعلماء قال تعالى (إنما يخشى الله من عباده العلماء)، والعلماء ورثة الأنبياء وإذا كان الأنبياء لا يورثون مالا ولا درهما إنما يورثون العلم، لذلك كرم الله العلماء وطالب العلم، بل عده المصطفى صلى الله عليه وسلم خارجا في سبيل الله في قوله صلى الله عليه وآله وسلم «من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع»، وأود أن أشير إلى قضية مهمة في بعض القرارات المتسرعة وللأسف من ديوان الخدمة المدنية ووزارة التربية ومنها إنهاء خدمة المدرسين والموجهين ليكون آخر دوام لهم هو نهاية شهر ديسمبر الحالي، لماذا لم تعط وزارة التربية المعنيين بإنهاء خدمات في هذا القرار مهلة إلى نهاية العام الدراسي، فلدى بعضهم طلاب يدرسون في المدارس، فماذا يفعلون في النصف الثاني من العام الدراسي؟!
وفي قرار آخر خصم مبلغ 90 دينارا من بدل الإيجار عن المعلمين الوافدين، وهذا الخبر طبق في العام الماضي ونزل كالصاعقة عليهم بعد أن كان 150 دينارا، وللأسف هذا القرار جاء في يوم المعلم الذي تحتفل به الكويت والتي يتشرف به المعلمون جميعا بحضور ورعاية صاحب السمو، حفظه الله، ولم يدرس هذا القرار بعناية، وأكثر المعلمين اضطروا إلى تسفير عائلاتهم إلى بلدانهم وبعضهم ظل بلا عائلة وبعضهم سيشد الرحال إلى بلدان رواتبها أكثر من الكويت، وبعض رواتب الإخوة الوافدين لا تكفي الرواتب حاجاتهم الأساسية والإيجارات غالية، وهنا سيضطر بعض المعلمين للاتجاه إلى الدروس الخصوصية والتي سيتحملها رب العائلة، ولا شك أن الخصم ولو بالشيء القليل سيشعر معه المعلم الوافد بالاستياء والظلم، فهل سيكون أداؤه كما كان قبل الخصم؟ بالطبع لا، فهو غير مرتاح البال، خاصة أن أسعار الشقق عالية فنطلب من وزير التربية وأركان وزارته التدخل في هذا الموضوع كونه عضوا في الخدمة المدنية وترجع الابتسامة إلى شفاه الجميع.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ الكويت وأميرها وشعبها من كل مكروه، وأسأله كذلك أن يذهب هذا البلاء وهذا المرض من الكويت وجميع دول العالم.. اللهم آمين.
[email protected]