الرحالة هم من ذوي الهمة العالية وصدق العزيمة بالمغامرة وركوب المخاطر ولا يقوى عليه إلا المغامر الشجاع المثابر، وقد تكون دوافعهم البحث عن العلم والمعارف وتقدم الشعوب والفوائد الجمة التي تجنى من وراء هذه الرحلات بكسب المعلومات ومعرفة عادات وتقاليد الشعوب وحضارتهم وثقافاتهم ووسيلة لجمع المعلومات الجغرافية وهم أهل العزم والحزم والهمة العالية.
والتراث العربي مليء بأخبار الرحالين العرب والكشف عن الحضارات القديمة والبحث عن المجهول، وكثير من الرحالة العرب حرصوا على أن يدونوا مشاهداتهم ورحلاتهم في كتب مستقلة ومذكرات وتقارير، وهناك نماذج للرحالين العرب منهم الرحالة ابن بطوطة المولود في طنجة بالمغرب الأقصى سنة 1304م، طاف العالم واستغرقت رحلته 27 سنة ووصف رحلته وصفا دقيقا وبقوة خياله وهو يصف أحوال المدن في القرون الوسطى بعين مصور بارع، له كتاب باسم (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار) وترجم إلى عدة لفات.
والرحالة ابن جبير الأندلسي ولد في بلنسيه في الأندلس سنة 1144م وكان الغرض من رحلته أداء مناسك الحج في مكة المكرمة ووصف المدن والقلاع وما صادفه من مصاعب وأهوال وعواصف وركوب البحار ولم ينس الحروب الصليبية التي شهدها بين المسلمين والصليبيين وأورد رحلته في كتاب رحلة ابن جبير وابن بطوطة وهما من المغرب العربي والأندلس كانا لهما الفضل والسبق في تصوير أحوال البلدان في حقبة من الزمان القديمة والوسطى وجميع تنقلاتهما بواسطة الدواب والجمال برا والسفن الشراعية بحرا.
ورحلات البعثات العلمية في العصر الحديث في القرن التاسع عشر أهمها رحلة رفاعة رافع الطهطاوي من قادة النهضة العلمية والأدبية الحديثة في مصر وهو عالم مصري بدأت سيرته مع محمد علي باشا أرسله ضمن بعثة علمية تضم 40 طالبا لدراسة اللغات والعلوم والتقدم الثقافي والحضاري الأوربي كان ذلك في سنة 1826م وذهب بصفته إماما للبعثة درس اللغة الفرنسية ووصف رحلته بشكل متقن ومبهر ورحلته من مصر إلى أوربا عن طريق السفينة النمساوية عبر البحر المتوسط ومرورا بموانئ إيطاليا ومنها بالقطار إلى عاصمة فرنسا باريس وأورد رحلته في كتاب (تخليص الإبريز في تلخيص باريز).
وكذلك في العصر الحديث في القرن التاسع عشر رحلة النابغة المصري أحمد زكي باشا إلى أوربا سنة 1892م لحضور مؤتمر والذي عقد في المملكة المتحدة بريطانيا في العاصمة لندن ممثلا عن حكومة عباس حلمي الثاني، وأحمد زكي من كبار الأدباء ويتقن اللغتين الفرنسية والإنجليزية وهي رحلة مهمة في يقظة العالم العربي ووصف رحلته وصفا دقيقا برحلته البحرية من مصر إلى فرنسا ومنها ركب السفينة ليعبر القنال الإنجليزي ليصل إلى جنوب بريطانيا ومنها بالقطار إلى لندن.
هؤلاء هم نماذج الرحالين العرب وغيرهم الكثير. ومن أجل الأوطان يجب تشجيع وتحفيز همة الباحثين عن أمجاد تاريخ وتراث وطننا العربي والخليجي والبحث المستمر عن كنوز تراثنا العربي والخليجي والإسلامي وإثراء أدب الرحلات.
[email protected]