لا تعود نفسك على الشكوى دائما فإنها تزيد الهمّ هما آخر، ولكن عودها على حمد الله سبحانه وعلى شكره على نعمه الفائضة علينا، فما الحياة إلا رواية جميلة ورائعة، أن فكرت بقراءتها فلتقرأها حتى آخر صفحة، وإياك والوقوف طويلا عند تلك السطور البائسة والخيبات الحزينة، وليكن مرورك عليها سريعا كمرور الكرام، فما الحياة إلا عبارة عن ذكريات يومية ومواقف وأحداث مرت بنا، منها المفرح ومنها المحزن.
وإن أصبحت هذه الحياة شعلة من نار بالنسبة لنا، فأما أن نطفئها أو نحترق بنارها، ونعيش بظلام فيما بعد بدونها، والكثير من الأشخاص للأسف كمثل تلك الأمور لا يفهمها أو حتى يستوعبها!
إلا من لديه تلك الثقة الكبيرة بأن الحياة بها الكثير من التحديات والصعوبات العسيرة سيتمكن من التعامل معها، وهذا نفسه من تجده يسعى بشتى الطرق بأن يثبت لذاته بأنه قادر عليها وعلى تحملها، ذلك ومن اجل مرضاة الله عز وجل، فلا داعي إلى كثرة التأفف والشكوى فليس هناك بديل لما نمر به، ولكن دائما ثق في الله عز وجل أنه وحده من يبدل الحال إلى افضله.
فكثيرا ما رمى بنا ذلك اللسان المحبوس خلف الأسنان إلى زنزانة الندم، لذلك وكما قلنا لا تعود نفسك على الشكوى، وخاصة حينما تبث شكواك دائما لأشخاص آخرين مثلك مثلهم، وبقدر المستطاع حاول أيضا أن تخفي نقاط ضعفك عنهم، فتأكد أن تلك النقاط ستكون أشبه بنفق بالنسبة لهم، نفق يقودهم بكل سهولة إليك، للعبث بداخلك والتحكم بك، بل اجعل من نقاط ضعفك أشبه بنفق صوفي يحميك ويحمي محاصيلك من الصقيع والطقس القاسي، نفق يحميك من المنغصات والسأم والضجر.
وكن موقنا بأن كل شخص منا يتعرض إلى الخسارة والفشل في مرحلة ما من مراحل حياته، ولكن هذا لا يعني بأن تستسلم أو تضعف! بل يعني بأن تكون كأولئك الذين يعتبرون الخسارة مكسبا لهم ولحياتهم، فيكفي بأنها علمتهم وصقلتهم.
فكن إنسانا عظيما واحتفظ بقيمتك كاملة دون الحاجة لإظهارها لأولئك الآخرين وغيرهم، كي لا تفقدها أو تضعف أمامهم، فالحياة تعلمنا أن الزمان حينما يقسو علينا لابد بأن نتذكر رحمه الله عز وجل بنا، فلا تنزع قيمتك بنفسك لدى الآخرين، لتقايضها بقيمة أدنى منها، فجميعنا يريد أن ينسى أوجاعه وجروحه وآلامه، ولكن عندما نتحكم بحزننا ونقلل من تذمرنا سنتمتع بعزة انفسنا وشموخنا، ولن ندع أحدا يعلم بكسرة نفوسنا من الداخل، كي لا يتلذذ بعضا من صغار النفوس بالرقص على جراحنا، ولنجعلها بيننا وبين ربنا سبحانه فقط، فوحده كفيل بنا وبها، وغير عاجز عنها.