وردة جميلة يانعة ناعمة فوّاحة محببة إلى النفوس.. هذا هو معنى اسم «بسنت»، كما جاء في الموسوعات، أما «بسنت» بنت محافظة الغربية، الزهرة ذات الـ 16 ربيعا فقد قطفتها يد الجهل وداستها أقدام التخلف وقتلتها أيادي أمنت العقوبة غير الرادعة، فأساءت الأدب.
بسنت خالد أو «فتاة الغربية» الطالبة في الثانوي الأزهري أنهت حياتها الغضة بتناول حبة سامة، بعد تعرضها للابتزاز الإلكتروني بنشر بعض الشباب صورا «مفبركة» لها بعد وضع وجهها على أجساد عارية!
لم تحتمل «ابنة القرية» الأقرب إلى الطفولة منها إلى الشباب تلميحات الزملاء... ومصمصة شفاه الزميلات.. وهمسات الجيران.. ونظرات الأصدقاء.. وصمت الأهل فقررت التخلص من عذاب إثم لم ترتكبه، .. وعار لم تأثمه و«إشاعات» ستلاحقها بقية حياتها، وقد تمتد لأبنائها في مجتمع قروي لا يسامح الفتاة.. حتى على أخطاء لم ترتكبها ويعتنق مبدأ.. «لا دخان دون نار».
رحلت «بسنت» صافعة وجوهاً لم تصدقها، وعقولا ظلمتها، وقلوباً لم تحتضنها، وألسنة لم ترحمها.. تاركة رسالة لأمها تقول فيها: «أنا مش البنت دي، ودي صور متركبة والله العظيم وقسماً بالله دي ما أنا، أنا يا ماما بنت صغيرة مستهلش اللي بيحصلي ده».
وتم القبض على «قاتلي» بسنت، الوحشين الآدميين اللذين زيفا صورها، واغتالا براءتها، وسيتم التحقيق معهما، وسيصدر القضاء العادل كلمته حسب القوانين، لكنهما لن يحاكما بتهمة «القتل».. أبدا، فالتهم قانوناً هي: إساءة استخدام وسائل الاتصال، الابتزاز، وإفشاء أسرار الحياة الخاصة!!
يا ذوي القلوب الرحيمة.. أيها المصريون «المتدينون بطبعهم»، هل فكر أحدكم فيما عانته الطفلة ذات الـ 16 عاماً من تنمر وإحساس بالظلم حتى من أقرب الناس لها كما أوضحت في رسالتها؟
هل تخيلتم مدى الضغط النفسي الذي عانته بعد أن لمحت الشك في عيني أمها.. والحزن والغضب في عيني أبيها؟
هل تصورتم حالها وهي تسمع بأذنيها تهكم مدرسيها، وزملائها، وجيرانها عليها؟
هل أحسستم بمدى القهر الواقع عليها ومدرسها يتنمر عليها أمام زملائها مستظرفاً: «بقيتي تريند يا بسنت»!
«بسنت» لم تقتلها «حبة سم الغلة».. بسنت قتلها قانون قاصر يجب تغليظ عقوباته، ومجتمع لا يرحم الضحية، وبشر نسوا أنهم خطاءون، وأهل لم يدعموا ويحتووا ويحتضنوا فلذة كبدهم.
بسنت قتلها «الجهل المطبق» بأبسط حقوق الإنسان «حق الحياة»..
بسنت قتلها عدم الوعي بوجود مباحث الإنترنت.. أو عدم الثقة في أن الرادع موجود.. رحم الله «بسنت»، وليكن درساً لمشرعي القوانين.. والمجتمع بأكمله.
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
www.hossamfathy.net
Twitter: @hossamfathy66
Facebook: hossamfathy66
Alanba email ID
[email protected]