شهد عام 2021 انتعاشا في أسعار الطاقة، وواصل النفط الخام ـ الذي كان يتعافى من صدمة الأيام الأولى للوباء وفائض المعروض ـ الصعود معظم العام.
وعلى الرغم من البداية الجيدة للنفط هذا العام، إلا أنه من الصعب التفاؤل بشأن المستقبل، إذ ارتفعت الأسعار مؤخرا في ظل الاضطراب في كازاخستان الذي يهدد الإنتاج هناك، ومن المتوقع ألا تستمر الاضطرابات في كازاخستان التي تعتمد بصورة كبيرة على عائدات النفط، وبغض النظر عمن سيصل إلى السلطة سيكون من المهم إعادة تشغيل صنبور النفط لضخ الأموال في أسرع وقت ممكن.
ونظرا لأن هذا التأثير الصعودي قصير الأجل سوف يتلاشى حتما، فإن تركيز السوق سوف يعود إلى العرض واحتمالات قوة الطلب في النصف الأول من العام.
ومع عدم انتهاء «كوفيد-19» بعد، فإن هناك عنصرين قد يستمران في تهديد حركة تنقل الأشخاص وبالتالي الطلب على النفط، وهما تقدم عمليات التطعيم على مستوى العالم، وظهور متغيرات جديدة من الفيروس.
وهناك أيضا مخاوف من احتمالية زيادة المعروض من النفط الخام هذا العام، وهو ما قد يضر بسوق النفط إلى جانب مشاكل الطلب، ووفقا لوكالة الطاقة الدولية، فإن متوسط إنتاج النفط العالمي خلال 2022 قد يبلغ 101.41 مليون برميل يوميا، أي مرتفعا 5.46 مليون برميل يوميا عن متوسط عام 2021.
ولاتزال «أوپيك+» متفائلة بشأن رؤية النفط هذا العام، وفي أحدث توقعاتها، توقعت أن يبلغ الطلب 99.13 مليون برميل من النفط يوميا في الربع الأول من العام، قبل وصوله إلى مستويات ما قبل الوباء بحلول الربع الثالث.
ولاتزال سوق النفط تتأثر بالعوامل الجيوسياسية الأخرى التي ستظل تشكل خطرا بما في ذلك الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، فضلا عن العلاقة السياسية بين أميركا وإيران، ومع ضرورة الإشارة إلى أن صناعة النفط يصعب التنبؤ بها، وخاصة الأسعار، ولقد بدا ذلك واضحا خلال العامين الماضيين.
3 توقعات رئيسية لسوق النفط هذا العام
شهدت صناعة النفط تحولا جذريا في السنوات الأخيرة، إذ خفضت الشركات بصورة كبيرة الإنفاق الرأسمالي على المشاريع النفطية الجديدة، وحولت شركات النفط الأوروبية الكبرى مثل «بي بي» و«توتال إنرجيز» الإنفاق من النفط والغاز إلى الطاقة المتجددة.
وبذلك تحولت كبرى الشركات المنتجة الأميركية التركيز على توليد التدفق النقدي وإعادته إلى المساهمين بدلا من توسيع الإنتاج، وبسبب هذا التحول، اكتشفت الصناعة أقل عدد من البراميل من موارد النفط والغاز الجديدة منذ الحرب العالمية الثانية في عام 2021.
ويخطط أغلب المنتجين للسيطرة على الإنفاق الرأسمالي هذا العام، على الرغم من انتعاش أسعار النفط، كما يخطط العديد من المنتجين لتحقيق نمو متواضع في الإنتاج، وفي الوقت نفسه، حافظت «أوپيك» على قبضتها المحكمة على الإمدادات رغم ارتفاع الأسعار.
ومع توقع عودة الطلب إلى مستويات ما قبل الوباء في وقت لاحق هذا العام، فإن هذه الديناميكية تمهد الطريق لارتفاع محتمل في السعر إذا واجهت الصناعة اضطرابا كبيرا في العرض، وفي بعض الظروف، قد تصل أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل في وقت ما هذا العام.
عام التوزيعات النقدية
مع إحكام منتجي النفط قبضتهم على الإنفاق الرأسمالي، فإن لديهم النقد لدعم ميزانياتهم العمومية، وإعادة المزيد من الأموال إلى المساهمين، ويبحث المنتجون عن طرق مبتكرة لإعادة الأموال إلى المساهمين، على سبيل المثال أطلقت«ديفون إنرجي» أول إطار عمل لتوزيع الأرباح الثابتة والمتغيرة في الصناعة، ووزعت حوالي 50% من فائضها النقدي على المساهمين عن طريق توزيعات أرباح إضافية كل ربع سنوي.
ومن المتوقع أن تطلق المزيد من شركات النفط استراتيجيات مماثلة للعائد النقدي في عام 2022.
التحول نحو مصادر جديدة
يسعى عدد متزايد من شركات البنية التحتية للطاقة لاستكشاف مصادر جديدة للنمو، وبالفعل، أطلقت شركة خطوط أنابيب الغاز الطبيعي «كيندر مورجان» مجموعة مشروعات طاقة جديدة في العام الماضي.
كما أعلنت «إنرجي ترانسفير» عن جهود موسعة للتركيز على تطوير مشروعات الطاقة البديلة العام الماضي، ومن المتوقع هذا العام أن تبدأ الشركات في ضخ رأس مال في استثمارات الطاقة البديلة في عام 2022.
ومن المرجح أن تكشف كبرى الشركات في القطاع عن مشروعات كبيرة لإعادة توظيف الأصول الحالية للتعامل مع الوقود البديل، والاستثمارات واسعة النطاق للتوسع في البنية التحتية الجديدة مثل أصول توليد الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين.