أصبح الطب والصحة أداة للإرهاب في المجتمع وأصبحت كلمة الإجراءات الوقائية والاحترازية تفرض نفسها على حديث أو قرارات أي مسؤول في أي وزارة أو جهة تتعامل مع المصالح اليومية للشعب، وأصبحت كلمة الإجراءات الاحترازية تتكرر بصورة قد تكون مملة وتبعث على الاكتئاب والضيق وهذا أمر جديد قد تكون له مبرراته نظرا لظروف الجائحة وتعدد أساليب إدارتها سواء داخل أي دولة أو خارجها على المستوى الدولي.
وعندما نفكر جيدا كأطباء فإن القيود والإجراءات الاحترازية قد تصل إلى مرحلة الإرهاب الطبي أو الابتزاز غير المسبوق ونظرة المجتمع إلى ملائكة الرحمة الذين تحول بعضهم إلى أدوات لفرض ومتابعة هذه الإجراءات بصورها المختلفة بل إن بعض الأطباء انصرفوا عن واجباتهم الإنسانية والمهنية إلى أدوار رقابية بحجة الإجراءات الاحترازية والتصدي للجائحة وإثبات الذات من خلال التخفي خلف الجائحة.
وهذه الأمور بلا شك لها تداعياتها السلبية على صورة ملائكة الرحمة الراسخة في أذهان أفراد المجتمع حيث إن ملائكة الرحمة اختلف دور الكثير منهم وتحولوا إلى أدوات تطلق التهديدات والتخويف بدلا من التوعية للمجتمع بالأساليب المناسبة والمرتكزة على الدراسات والحقائق العلمية.
إن ما حدث في علاقة أصحاب الرداء الأبيض بالمجتمع بسبب هذه الجائحة وفرض القيود والإجراءات الاحترازية سواء في الحياة اليومية أو في العمل أو المنزل أو في العلاقات الإنسانية هو أمر يحتاج إلى دراسات علمية وسلوكية واجتماعية لوضع التوصيات والحلول التي تعيد الملامح المشرقة الراسخة لأصحاب الرداء الأبيض وتتصدى وتجفف أسباب الإرهاب الطبي الذي يبدو أنه فرض نفسه دون الانتباه للعلاقة بين زملاء المهنة والمجتمع وانشغال البعض مع موجة الحماس والسيطرة واحتواء الجائحة إلى التفكير والترويج لأصحاب القرار بمبررات الإجراءات الاحترازية وتطبيقها والعقوبات عند عدم التطبيق والتي لا تدخل ضمن المهام والواجبات المهنية والإنسانية لأصحاب الرداء الأبيض.
إن ما نخشاه هو تحول الإرهاب الطبي الذي مورست صور منه خلال الجائحة إلى جزء من سلوكيات أصحاب الرداء الأبيض بعد ذلك فيفقدون رصيد ثقة المجتمع بهم وبرسالتهم وبدورهم عبر الأزمنة ويتحول السلوك المهني الإنساني المستقر إلى صور أخرى لا تليق بتاريخهم الناصع البياض فيتلوث الرداء الأبيض ببقع يصعب إزالتها أو إخفاؤها عن أعين الناظرين وخاصة في عصر الإعلام الحديث الذي نعيشه الآن.
وإن استمرت ممارسات الإرهاب الطبي فيجب وضع برنامج للتصدي له وحماية مهنة الطب والتمريض من تداعياته التي لا يمكن التنبؤ بها ولكنها ستكون بلا شك يصعب معرفة حدودها إنسانيا وأخلاقيا ومهنيا واجتماعيا بل أيضا سياسيا.