العادات هي مجموعة أمور اعتدنا على القيام بها منذ الصغر، أما التقاليد فهي موروثات ثقافية ورثناها عن الآباء والأجداد تؤثر في نشأة الإنسان، كركائز أساسية في التكوين العقلي والنفسي، ويحرص عديد من الآباء على توريث الأبناء بعض العادات والتقاليد الجميلة التي توارثوها عن الأجداد فهي جزء لا يتجزأ من الحياة، هويتنا وكينونتنا التي تحمينا من الذوبان في حضارات وثقافات الآخرين، لكن لا يعني الانغلاق على أنفسنا، بل المحافظة على وجودنا.
المبادئ الإنسانية والقيم البشرية السليمة ثابتة، ولكن المفاهيم والأفكار وطرق تنفيذها تتغير من فترة لأخرى وتتطور بتطور العلم والفكر والاكتشافات البشرية.
اليوم أصبحنا نحيا في كويت غير كويت طفولتنا ومراهقتنا وشبابنا، ووجدنا أنفسنا نشارك في نقاشات لم تكن مطروحة، ليس لأنها وليدة تقدم علمي أو مجتمعي، بل بالعكس نتيجة تقهقر مخيف وتحول جديد في المجتمع بعد اكتشاف الدين الجديد في العشرين سنة الأخيرة!
مجتمعنا الذي نشأنا وكبرنا فيه وشكل شخصيتنا مجتمع تعددي بطبيعته يتعايش فيه المختلفون منذ تأسيس الكويت الدولة المدنية الحديثة الذي تستمده من الدستور، واحترام التعددية المذهبية والفكرية والحريات كمفاهيم متأصلة بين البشر.
السؤال هل عاش آباؤنا وأمهاتنا في زمن وجغرافيا تجهل الإسلام؟!
ما الذي أدى إذن إلى احتكار البعض لمعنى العادات والتقاليد واختزالها في الدين أو في نمط من التدين يتميز بالغلو والتشدد؟!
استخدام الدين في حقل السياسة، وشرعنة العديد من السلوكيات والمواقف والقوانين التي أصبحت متعارضة مع مكتسبات الإنسانية في عصرنا وسيلة للدفاع عن منظورهم الانغلاقي المتزمت للمجتمع الذي بسبب إسلامه ينبغي أن يبقى محروما من ثمرات الحضارة المعاصرة ومكتسباتها الإنسانية وغياب العقلانية.
النزعة الانغلاقية اليوم تبحث في الماضي حلولا لمشكلات الحاضر، عقولهم ونفوسهم تسيطر عليها نمطية أيديولوجية ذكورية واحدة منغلقة متطرفة متوجسة من التغيرات المجتمعية، قلقة من التطورات المستقبلية، غير منفتحة على ثقافة العصر، وعطاءاته الإنسانية، وتطوراته، ومتطلباته.
إن الله جل جلاله لم يخلقنا عبثا، لم يخلقنا لنتفاضل على بعضنا البعض، ولا فرق عنده بين ذكر وأنثى، الجميع سواء، إنما خلقنا مختلفين متفاوتين، لإكمال نقصنا وحاجاتنا بالتعاون والمشاركة، التكامل بين الأنثى والذكر هو الأساس الصحيح البعيد عن النزعات الضالة والموروثات الجاهلية الباطلة، وهو القوام الفطري السليم للعلاقة بين الرجل والمرأة.
علينا أن نحرر أنفسنا من الموروثات الجاهلية البائدة والتصورات الرجعية!
ولنا في زوجات النبي قدوة، أم سلمة زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الرسول الله صلى الله عليه وسلم بمشورتها، عندما حدث صلح الحديبية، ولأجل هذا كله يجب أن تحظى المرأة في مجتمعاتنا بالاحترام والتقدير اللازمين، والذين كفلهما لها ديننا الحنيف منذ فجر التاريخ.
إن مناهج التعليم والتوعية المجتمعية لهما دور كبير في وأد هذه الأفكار الرجعية في مهدها، ومنعها من الظهور في الأجيال المقبلة، وعلى طلابنا أن يتعلموا أن الأنثى أخت الرجال ولها من الحقوق وعليها من الواجبات ما للرجل وما عليه.
والمرأة الكويتية من الستينيات وهي شريك فعال في المسيرة التنموية، سبقت أخواتها من نساء الخليج في التعليم والعمل، والصحوة السياسية والتغير الاجتماعي، وهي لا تقل كفاءة عن شقيقاتها الخليجيات، بطولاتها عام 90 أثناء الغزو العراقي يشهد لها بأنها أخت الرجال، والتاريخ خلدهن بما قدمن من تضحيات وبطولات.
مطلوب العناية بالعادات والتقاليد وقيمنا الأصيلة بكل مكوناتها ذات النزعة الإنسانية المنفتحة واستخدام العقل وإنعاشها، واستعادة دور العقل والنقد، واعتماد الشخصية الكويتية المتفتحة المستنيرة التي تشكلت عبر التاريخ من أجل مواجهة سيطرة أصحاب الإسلام السياسي.
٭ عز الكلام: القفز إلى الديموقراطية، دون أن يؤمن الفرد أولا بمفاهيم ومبادئ وقناعات معينة وضرورية، سيكون سببا لتدمير الإنسان والمجتمع.
[email protected]
Nesaimallewan