الثائر نيلسون مانديلا معروف برفضه لكل أنواع العبودية التي فرضتها العرقية في جنوب أفريقيا، لكن غير المعروف عنه أن له كتابا اسمه «المفضل في التراث الأفريقي» جمع فيه مجموعة قصص فلكلورية كانت متداولة في أفريقيا، إحداها تتحدث عن ملك كان يعتقد أن سر قوته واستمرار حكمه مرتبط بخاتمه الذي كان لا ينزعه من يده، ولكن جاء يوم سباحته في النهر المقدس، فوجب عليه نزع كل شيء بما فيه الخاتم، فأمر الحرس بالابتعاد عنه، وخبأ الخاتم تحت حجر وغطس في النهر، ولم يجد الخاتم عند عودته، فتش الحراس دون نتيجة، طلب من ساحر المملكة أن يجد الخاتم، بعد تفكير طلب الساحر أن يجلب عصيا صغيرة بعدد سكان المملكة، وفي اليوم الموعود، أعلن الملك سرقة الخاتم لشعبه، ووزع العصي المسحورة على الجميع، على أن تبيت معهم ليلة، وفي الغد يأتي الجميع بالعصي، وبالاتفاق مع الساحر، ذهب الملك لزوجته وأخبرها بسر العصي، وأنها ستطول 3 عقد من الأصابع لدى السارق، وطلب منها ألا تخبر أحدا، لكنها أخبرت وصيفاتها، ووصيفاتها أخبرن أصدقائهن، وخلال ساعات عرف الجميع بالسر، وفي اليوم التالي أتى الشعب للموعد، وقام الحراس بمطابقة أطوال العصي، كلها متساوية إلا واحدة، كانت ناقصة 3 عقد، وبعد البحث، وجدوا الخاتم لديه، سر الملك بالخاتم، لكنه استغرب لأن العصي يجب أن تكون أطول، ولكنها كانت أقصر لدى السارق، فسأل الساحر عن السبب، فقال: ليس لدي سحر للعصي، لكن بالخوف وحده، استطعت أن ألعب بمشاعر السارق الذي قص عصاه، حتى لا نعرف فعلته.
رغم كل الأفكار السلبية المرتبطة في الخوف إلا أن له جوانب إيجابية، فقد يكون سبب استمرار الجنس البشري، فالخوف من الوحوش جعل الإنسان الأول يبني بيته البدائي، الخوف من الأعداء، جعله يبني سورا حول مدينته، الخوف من الجوع جعله يزرع ويطبخ، فالخوف هو المحرك القوي للحضارة، فالشجاع يموت بسرعة والشجاع لا ينجب الأبناء لأن ارتباطه العاطفي بالأبناء يجعله جبانا، وحسب الإنثربيولوجيا فالبشر الحاليون أبناء «الخوافين» لأن الشجعان ماتوا.
وللخوف جوانب أخرى، فهو عامل للتحكم والسيطرة على الأفراد، ففي علم النفس تصنف المجتمعات العربية بمجتمعات العار، بمعنى أن الخوف من العيب أو العار أو الشرف يمنع الفرد أو المجموعة من عمل الأفعال المشينة، والمجتمعات الغربية تصنف بأنها مجتمعات الذنب، لأن الخوف من تأنيب الضمير الذاتي هو ما يمنع الفرد أو المجموعة من الأفعال المشينة، فالمهم في مجتمعات العار إرضاء الناس، أما مجتمعات تأنيب الضمير فالمهم إرضاء النفس، ويترتب على ذلك أن الفرد بمجتمعات العار يحافظ على خلق صورة جميلة أمام الناس، بينما يمكن أن يقوم بأفعال مشينة دون علم أحد، فبمجتمعات العار، الكثيرون يأمرون بالمعروف أمام الناس، ويفعلون المنكر خلفهم، ويهتم الشخص بالمظاهر فيكون ظاهريا ملاكا وداخليا أشبه بالشيطان، بينما مجتمعات التأنيب الذاتي فيحدث العكس فلا تجدهم يهتمون بالمظهر أو بكلام الناس عنهم. وبالتأكيد هذا الكلام لا ينطبق على كل الأفراد، إنما هو تصنيف علمي للمجتمعات.