مع دخولنا عاما جديدا في ظل جائحة «كورونا»، مازالت تخيم علينا تداعيات الوباء منذ 2020 والنهج شبه العشوائي للتعافي الذي تبعه في2021 لإعادة بناء الاقتصادات والتكيف مع الوضع الجديد الذي وجدنا أنفسنا فيه جميعا.
تنبأت في بداية الجائحة أن هذا الفيروس سيظل معنا لمدة 5 سنوات على الأقل، ومع دخولنا هذا العام الجديد، أقرت دول بذلك بتفاؤل حذر مع الاستعانة بآراء خبراء دوليين صرحوا بأن آثار الفيروس ستكون طويلة الأمد وقد تستمر للأبد.
عند التفكير في الأمر، أشعر بالامتنان لأن متحور «أو ميكرون» الأخير لم يسفر عن تشديد عالمي للتدابير التقييدية التي أعاقت النمو الاقتصادي والازدهار البشري بشدة.
ومع ذلك، أتوقع أن فيروس «كورونا» سيؤثر على الوضع الجديد في كل المجالات في المستقبل القريب.
هذا يعني أننا يجب أن نتعلم كيف نتعايش مع هذا الواقع الجديد، بدلا من أن تكون لدينا ردود أفعال سريعة، وان نخطط بشكل عملي لمستقبل مستدام في جميع مجالات حياتنا، وستظل قدرة الدول على التعامل مع المتحورات الجديدة مفتاحا لازدهارها الاقتصادي هذا العام، حيث تعتمد العديد من القرارات السياسية الآن على هذا العامل الوحيد الذي يبدو أنه يشكل جزءا كبيرا من حاضرنا ومستقبلنا.
بالمضي قدما إلى العام 2022، يمكنني أن أرى أن الجهود ستتركز بشكل أساسي حول تعزيز النمو الاقتصادي ومكافحة تغير المناخ بجانب مواصلة مكافحة هذا الفيروس.
ومع انقشاع الغبار إلى حد ما والعودة المحدودة لسلاسل التوريد، أرى أنه سيكون هناك نمو اقتصادي هذا العام وهو مؤشر جيد على أننا نجد طريقا لتخطي هذه الأزمة التي أعاقت الكثيرين.
هذه الاستنتاجات مدعومة من قبل الكثيرين، بما في ذلك مركز الاقتصاد وأبحاث الأعمال (CEBR) في المملكة المتحدة الذي يتوقع نموا بـ 4% على مستوى العالم، وهو أمر مبشر.
ومع المشكلات المستمرة التي تعوق سلاسل التوريد العالمية، ومحدودية توافر العمالة، والاندفاع المفاجئ في الإنفاق مع خروج الناس من فترات الإغلاق، زادت الضغوط التضخمية على الاقتصادات ومن المرجح أن تستمر في الزيادة هذا العام أيضا، وذلك مع الركود التضخمي الذي يلوح في الأفق بينما تظل الأجور كما هي وتزداد تكلفة المعيشة.
ولا يزال هذا يمثل تهديدا أكبر للدول الغربية حيث وصل التضخم الآن إلى 4.6% في الولايات المتحدة و9.4% في الاتحاد الأوروبي. ومن المثير للاهتمام، أن أداء الدول الشرقية أفضل، حيث سجلت الصين معدل تضخم بنسبة 7.1% وجارتها اليابان عند 17.0%.
ومن كل ذلك، يبدو أن الاقتصادات الناشئة ستكون الأكثر تضررا مع انخفاض قيمة عملاتها، في الوقت الذي تكافح فيه لدفع الديون الخارجية مع ارتفاع أسعار الفائدة في البلدان الأجنبية، لاسيما مع ارتفاع قيمة الدولار وازدياد التضخم.
مع أخذ العوامل المختلفة للازدهار الاقتصادي في عام 2022 في الاعتبار، أتوقع نظرة مستقبلية إيجابية بشكل عام رغم التحديات العديدة التي نواجهها جميعا.
فقد ذكر CEBR أيضا أن الإنتاج العالمي سيتجاوز 100 تريليون دولار أميركي في 2022 لأول مرة على الإطلاق، على الرغم مما يمر به العالم.
ويجب أن يستمر النمو بعد الوباء، والذي بدأ عام 2021 في الدول المتقدمة، فلاتزال البلدان المتقدمة تواجه وقتا عصيبا حيث تسيطر الظروف الاقتصادية الأكثر صعوبة.
والأمر المشجع أيضا هو تحسن المناعة في المجتمعات المختلفة بعد تنفيذ برامج التطعيم الشاملة التي تخفض معدلات الإصابة الخطيرة، مما يشجع الحكومات على فرض سياسات أكثر تساهلا مما كان عليه الحال في السابق.
يعطي هذا الأمل لعام 2022، حيث عانت الحكومات بشدة من عمليات الإغلاق التقييدية ولا تريد تكرار الأمر نفسه، والآن تزيد إنفاقها واستثماراتها بشكل عام مع العمل على تحسين معدلات التطعيم في بلدانها.
بالإضافة إلى ذلك، ورغم الضغوط التضخمية على الولايات المتحدة الأميركية، لايزال طلب المستهلكين هناك في تصاعد مع ارتفاع الناتج الصناعي، ومع معدلات البطالة حاليا عند 4% والتي من المقرر أن تنخفض لأقل من 3.5% بنهاية عام 2022.
هذه كلها مؤشرات إيجابية فيما يخص أكبر اقتصاد في العالم، حيث من المتوقع أن تكون معدلات النمو الاقتصادي أعلى من مستويات ما قبل الجائحة.
وعلى الرغم من أنني أفضل التفاؤل فيما يخص عام 2022، إلا أنه لايزال هناك الكثير من عدم اليقين المحيط بالوباء ومعدلات التضخم والقضايا الأساسية المتعلقة بسلاسل التوريد التي لاتزال بحاجة إلى المعالجة.
[email protected]