تشير الدراسات الحديثة الى أن الجزيرة العربية مليئة بالحضارات الإنسانية المتواضعة والتي تعتبر مؤشرا قويا على تواجد الجنس البشري منذ وقت غارق في القدم، ولعل التاريخ الإنساني في الجزيرة العربية يذهب بنا فعليا الى أعماق التاريخ إذ وجد خبراء الآثار في منطقة الشويحطيه بسكاكا الجوف مستعمرات بشرية يعود تاريخها الى حوالي مليون وثلاثمائة سنة، وفي منطقة الحائط بالقرب من محافظة الشملي وجد علماء الآثار ما لا يقل عن 50 ألف مدفن صولجاني الشكل، والكثير من مدافن المذيلات في صحراء المستوي والطبيق وقرب تيماء وعلى أطراف الربع الخالي جنوبا، ويرى الباحثون أن هذه المدافن قد تعود الى أكثر من عشرة آلاف سنة، ناهيك عن حضارة الانباط وعاد وثمود وإرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد كما ورد ذكرها في القرآن الكريم.
وهذا يقودنا إلى حقيقة مفادها أن الحضارات القديمة المتعاقبة والمكتشفة على ارض المملكة العربية السعودية تؤكد أن التواجد الأول للجنس البشري قد بدأ في الجزيرة العربية أولا ثم انتشر فيما بعد في العالم أجمع، أي قبل حضارة السومريين والتي يعود تاريخها إلى سبعة آلاف سنة، وتعتبر فيما مضى من الوقت أنها أقدم حضارة في تاريخ البشرية وأرى أن هذا التصنيف غير عادل مقارنة مع الحضارات القديمة المتعاقبة على أرض المملكة حتى وان كانت بدائية، ولا ننسى أن الحضارة السومرية أقدم من حضارة البابليين والفراعنة.
ومما سبق نستطيع القول ان بداية تواجد الجنس البشري على هذا الكوكب بدأ أولا في شبه الجزيرة العربية، ولذلك ما يثبته تاريخيا من خلال الأشكال الهندسية العملاقة لهذه المدافن التي خلفها أجدادنا، ولكن إلى الآن لم يستطع أحد تفسير ما ترمز إليه ولن تستطيع رؤيتها بصورة صحيحة وشاملة إلا بشكل عمودي أما بشكل أفقي فإنك ستراها بنظرك مجرد كومة حجارة ومن هذا المنطلق ربما ترمز الى محاكاة السماء وما بها من كائنات حية مجهولة لها القدرة على الطيران او أنها تقع تحت مظلة طقوس دينية وثنية غير معروفة التفاصيل.
ومن باب الجدل العلمي والحضاري يمكننا القول ان اللغة العربية من أصعب اللغات عالميا، وبالوقت نفسه هي أفضل لغة بالعالم وأغزرها في المعاني والمشتقات اللغوية والمفردات، وهذا يدل على أنها موغلة في القدم، وهذا التوغل يعني أنها لغة تطورت عبر آلاف السنين ومنها اشتقت لغات العالم، كما يمكننا أن نسميها مجازا أم لغات العالم أو مهد اللغات.
وقد اصطفاها الله سبحانه وتعالى من باب الإعجاز الرباني لأن تكون لغة القرآن الكريم، وكذلك اختارها الله تعالى لأن تكون لغة أهل الجنة.
وختاما: على أرض الجزيرة العربية بدأت النواة الأولى للجنس البشري ثم ورثنا منها اللغة العربية الصعبة والرائعة بالوقت نفسه.
أمور تحتاج لكثير من التأمل والبحث والتفسير والربط بين حضارات الجزيرة العربية المتعاقبة ثم التوثيق.