فن التجاهل من الفنون التي تحتاج إلى ذكاء، لا يتقنه إلا العظماء أصحاب المبادئ الراقية والأخلاق العالية التي تترفع عن سفاسف الأمور، وهو سلاح فتاك يستخدم بصمت محترف ضد أشخاص لا ينفع معهم الجدل نتيجة لأفعالهم، وقد أوصى بعض الحكماء بذلك فقال: «امض كأنك لم تسمع، اصمت كأنك لم تفهم، تجاهل كأنك لم تر».
المجتمعات مليئة بالشخصية الإيجابية والصفة السلبية، فأسلوب «التطنيش» هو الأمثل في التعامل مع الصفة المشمئزة ويسمى بـ «التجاهل الإيجابي» حيث قال تعالى: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)، فهنا قد وضعت حدا لحياتك الشخصية لا يمكن لأحد تجاوزه، وهي صفة الإنسان العاقل «الذي يعلم متى يتكلم وكيف يتكلم ومع من يتكلم»، والمثل يقول «طنش تعش».
وقد ذكر رئيس المركز العربي للتحكيم للاستشارات وإدارة الأزمات أستاذنا د.صلاح الديب في أثر فن التجاهل في إدارة الأزمات فقال: «يعد فن التجاهل أحد الأدوات المهمة في إدارة الأزمات والتي يجب وضعها في عين الاعتبار، وخاصة مع وسائل الضغط المنحرف، التي تهدف إلى تشتيت الجهود القائمة في إدارة الأزمة ولفت انتباههم عن الهدف الرئيسي وهو النجاح في إدارة الأزمة، وللتجاهل دور جوهري، وعلينا أن نعي أهميته ومتى نستخدمه، حتى يمكننا من إدارة أزماتنا بالشكل الأمثل».
إذن: الحوار الراقي وسيلة للتقارب وما يؤخذ باللين لا يؤخذ بالقوة، وليس كل ما يقال يستحق الرد، وقد قال ابن خلدون «يوزن المرء بقوله، ويقوم بفعله» والكلمة الطيبة ليست سهما، لكنها تخرق القلب.
ونختم زاويتنا بقول الداعية الإسلامي الأميركي مالكوم إكس «إن لم تتقن فن التجاهل ستخسر الكثير وأولهم عافيتك».. ودمتم ودام الوطن.
[email protected]