بالأمس نوهت في مقالي «شهادة تخرج.. 2022» إلى المايسترو، وهو أحد طلاب الفرقة الرابعة في قسم النقد والأدب المسرحي.. سطورنا اليوم يكتبها لنا محمد القلاف من خلال مقاله النقدي الذي كتبه تحت عنوان: أناركيا «صراع بين جيلين».
مسرحية «أناركيا» للكاتبة فاطمة العامر والمخرج محمد الأنصاري لفرقة مسرح الخليج العربي قدمت من ضمن فعاليات مهرجان أيام المسرح للشباب لدورته الثالثة عشرة لعام 2022.
تحمل المسرحية أكثر من ثيمة وخليط ما بين الفلسفة والواقعية الحياتية التي يعيش فيها الإنسان، وكذلك لها دلالات ورموز في العرض لكل منها تأويلها الخاص بها.
تطرح الكاتبة قضية عامة وهي الصراع بين جيلين، القديم المتمثل بالأب والحديث بالأولاد، وهو القائم على السلطوية في البيت، وكيف أنه لا يريد لهم الخروج مما هم عليه، إلا أن ابنه هاجر منه، وابنته ذهبت عنه، فكل منهم اختار طريقه.
لذا الأناركية كما وصف رودولف روكر الكاتب الأناركي (1873-1958) ذات مرة بأنها هي «اتجاه واضح في التطور التاريخي للجنس البشري، يناقض الوصاية الفكرية لجميع المؤسسات الدينية والحكومية، ويسعى إلى الكشف عن جميع القوى الفردية والاجتماعية في الحياة».. فنجد أن الكاتبة طبقت هذا التعريف عندما دمجت جميع الوصايا الفكرية الأناركية في العائلة وجيرانها.
٭ ملامح العبث واللامعقول: ناقشت المسرحية مسألة العبث التي تحمل قضية فلسفية وهي أصل الحياة تحديدا في مونولوج ابنته عندما قالت بعد انتهائها من الرقص: «قال لي أبي لقد ولدت دون أن أبكي، وذلك لأني أدركت وجع الحياة منذ أول يوم».. وهنا نلاحظ التشابه في رائعة الفن «الحياة حلم»، تأليف كالديرون دي لاباركا.. على لسان سيخسسموند عندما عبر عن بؤسه وشقائه ويطلب نهاية حياته إذ كانت حياته منذ ولادته هي خطيئة، وعليه تحمل العقاب، كما أن هنا جدلية الإنسان مع الذات والوجود كونها كانت مضطهدة ومتألمة جراء فعل والدها من قسوة معها، ثم باعها لصاحب المطعم بمقابل مادي، فانتقل هذا الصراع مع الأب ما بين الإلحاد والإيمان والزهايمر، وفي النهاية نجد الأب الذي عاش صراع المرض (الزهايمر) والتمسك بفكره ومعتقده قال كلمته: «أشكر الرب أنه أهداني فرصة للحياة».. مسرحية أناركيا تراجيدكوميدي عميقة وتحتاج إلى تفصيل، ولكن الكاتبة استطاعت بيان بعض أجزائها ورسمها.
بالشخصيات الوهمية عن طريق الأب.. وكيف قامت باسترجاعهم بالتذكر عندما يخاطب نفسه وما حدث معهم.
٭ مسك الختام: وأنا.. لم يتبق لي سوى رفات أحلام.. وفتات حب.. وبصيص أمل من ثقب باب يأسي.. فاطمة العامر.
[email protected]