إن لنشأة خلق جديد بأمر الله إلى حين فنائه مراحل، وتلك المراحل مفروضة بقدرة الله عز وجل لجميع خلقه سواء كان انسانا، أو حيوانا، أو نباتا، أو نجما...إلخ، من أكبر خلق الله إلى أصغره منظومة، حيث يستمر عطاؤها - بدورة حياة متجددة ما بين النشأة والفناء كالتالي:
٭ يخلق في الظلام.
٭ ينشأ ويتفاعل بنسبة وتناسب.
٭ تتكرر العمليات الحيوية من أجل استمرار العمل والبناء.
٭ كل فرد أو وحده تعمل على أساس نظام حياتي متقن تبعا لقوانين ونظم.
٭ الفناء بأمر الله.
بمعنى آخر، أسس العمل والتفاعل لجميع الأحياء – (خلق الله عامة) رباعية المراحل:
٭ ظلام = نشأة حياة.
٭ نسبة وتناسب = تفاعل.
٭ تكرار = نمو.
٭ نظام = عمل.
ويبدأ الخلق يافعا ومن ثم ينضج ومن ثم يهرم وفي آخر المطاف يفنى ويرجع للظلام وينشأ من صلبه حياة مخلوق جديد.
تلك السنة الحياتية سر عظيم يكمن وراءه أمر مهم للغاية ألا وهو الاستقامة في العمل والعطاء، فلكل مخلوق تخصص وهدف، وحتى يتم عمله بأكمل وجه - متكافل في عمله مع أفراد المنظومة الكونية لابد من الاستقامة في العمل، وعليه يتم تحقيق الهدف السامي وراء العمل المعطاء لكل وحدة في هذا الكون، الا وهو: العدالة - التكافل - الأمن والاستقرار
ولما كان الإنسان جزءا من هذا الكون، فالله عز وجل يخلق الإنسان في ظلمات ثلاث في قوله تعالى: «يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث» (الزمر، 6)، من ثم تكون على أساس النسبة والتناسب، في قوله تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين) «المؤمنون، 12-14».
ومن ثم يتكرر البناء في نمو جسم الإنسان ليكبر من أجل أن يمارس عملية التعليم وينهض، ومن ثم يعمل على نظام حياتي سلوكي اجتماعي من أجل الصناعة الإنسانية والعمل على طاعة الخالق، في قوله تعالى: (أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين) «التوبة: 109».
فتلك هي دورة حياة البشرية على وجه الأرض، في قوله تعالى: (الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير) «الروم، 54». وقد سبق وأن تحدثت في مقالات سابقة عن المتشابهات بين أفراد الكون في الحاجة والحالة، فتلك دورة حياة النشأة والفناء تجري على جميع خلق الله، فكان ما سبق لفته كريمة.
LinesTitle@